بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
التغير الاجتماعي الثقافي في البيئة الحضرية دراسة حالة: شمبات القديمة 2006م
منتدى علم الاجتماع مكناس :: السنة الثالثة في علم الاجتماع :: السنة الثالثة في علم الاجتماع :: السداسي السادس
صفحة 1 من اصل 1
التغير الاجتماعي الثقافي في البيئة الحضرية دراسة حالة: شمبات القديمة 2006م
د. فاطمة علي وقيع الله
ملخص:
هدفت هذه الدراسة للكشف عن أبعاد ظاهرة التغير الاجتماعي الثقافي في البيئة الحضرية متخذة من مجتمع شمبات القديمة وامتدادها مجالاً للدراسة ومن الأسرة وعناصرها وحدة لتحليل العلاقات بين بعض المتغيرات التي تعد عواملاً لأحداث التغير الاجتماعي الثقافي مثل الاقتصاد والتعليم والهجرة ووسائل الاتصال.
استخدم منهج دراسة الحالة كمنهج رئيس في الدراسة مع الاستعانة بكل من المنهج المقارن والمدخل التاريخي ؛ فطبيعة الدراسة تتطلب المقارنة في احد جوانبها كما انه لابد من تتبع الظاهرة تاريخياً منذ عهد الفونج والي الآن (حيث أن مجتمع الدراسة في عهد الفونج كان إحدى القرى المحيطة بالعاصمة آنذاك وهي حلفاية الملوك) .
اتخذت الدراسة من النظرية البنائية الوظيفية ونظريات التحضر إطارا نظرياً تنطلق منه كما اعتمدت على الدراسة الميدانية واستخدمت كل من الملاحظة والمقابلة والاستبيان كأساليب لجمع البيانات.
وقد تمت الخطوات الإجرائية في المنهج على النحو التالي:
1- تحديد مجتمع الدراسة:-
أ- المجال البشري: ويتمثل في منطقة شمبات القديمة وامتدادها وذلك بالتعرف علي الخصائص العامة للسكان وحجم المجتمع والاستفادة من الإحصائيات والدراسات السابقة.
ب- المجال الزمني: حيث بدأ بتتبع الظاهرة عبر الأجيال منذ عهد الفونج وحتى الآن وقد اختير([1])عهد الفونج بالتحديد لأنه العهد الذي وصفت فيه منطقة الحلفايا بأنها مدينة وما لبثت أن أصبحت عاصمة للعبدلاب ولفظة الحلفايا كانت تطلق علي اقليم كبير يشمل شمبات وما جاورها من قري .
2- اختيار العينة:
تم اختيار عينة عشوائية طبقية من حجم المجتمع الكلي وهو 6732 أسرة حيث اتخذت الأسرة كوحدة للتحليل وقد بلغ حجم عينة الدراسة 339 أسرة تمثل 5% من الحجم الكلي على حسب التوزيع الجغرافي والسكاني من الأحياء التالية: شمبات الجنوبية، شمبات الغربية، شمبات الشمالية، الهجرة والزراعة، وامتداد شمبات.
3- وسائل جمع المعلومات :-
أ- الملاحظة المباشرة وذلك بملاحظة الأحداث والمواقف الاجتماعية لمعرفة سلوك أفراد المجتمع إذا كان مثلاً يعبر عن درجة من التفاعل الاجتماعي التي تؤدي إلى تجانس وتماسك أفراد المجتمع كالتعاون في المواقف المهمة رغم اختلاف السحنات والأعراق مثلاً وهل هنالك تعبير عن روح الجماعة أم الروح الفردية هي السمة السائدة، كما تمت الاستعانة بالملاحظة الغير مباشرة اي الاستعانة بملاحظات الآخرين التي قد تكون مفيدة.
ب- المقابلات الشخصية وذلك من خلال مقابلة بعض الأشخاص الذين لديهم اهتمامات ذات صلة بموضوع الدراسة والذين سبقت لهم محاولات في هذا الصدد مثلاً مقابلة عدد من إعلام المنطقة الذين شهدوا التغير الذي طرأ على مجتمع الدراسة.
جـ - الاستعانة بالاستبيان حيث تم تصميم استبيان مبدئي وتطبيقه بقصد اختبار مـدى صلاحيته ثم بعد ذلك أعيد تصميمه بصورة نهائية للحصول على المعـلومــات الدقيقة من عينة الدراسة والاستعــانة ببـعـض الأفــراد ذوي الـخبـرة فــي جمـع المعلومات عن طريق الاستبيان وقــد تم توزيعه على حسب التوزيع الجغرافـي والسكاني لأحياء شمبات القديمة وامتدادها وذلك مراعاة لضمان تغطية المجتمع تغطية شاملة فنجد أن في حي شمبات الجنوبية تم توزيع عدد 63 استبيان أي 63 أسرة (كجزء من العينة الكلية) وشمبات الشمالية 53 استبيان وهكذا.
وقد تمت الاستعانة بمجموعة من مساعدي الباحثين، حيث تم ملء الاستبيان بطريقيتن هما: بواسطة المبحوث نفسه أو عن طريق موزعي الاستبيان. وقد استغرق ذلك زهاء الشهرين.
وبعد ذلك تم توزيع عدد من الاستبيانات على العينة التي تم اختيارها في امتداد شمبات بنفس الطريقة حيث استغرق توزيعها وجمعها شهراً وقد روعي في التوزيع الأحياء التي انتقل إليها بعض سكان شمبات القديمة.
وبعد ذلك تمت مراجعة الاستبيانات وترميز الإجابات التي ليس لديها Code أو شفرة ثم بعد ذلك تم تفريغ وتحليل الاستبيان عن طريق الكمبيوتر بحيث تم الحصول على النسب المئوية للأسئلة أو المعلومات والتي مثلت الجانب التطبيقي من الدراسة ومن ثم تم الربط بين الجانبين النظري والتطبيقي بحيث ركزت الدراسة على مجموعة من المحاور من خلال تحليل العلاقة بين الأسرة وبعض المتغيرات علي النحو التالي:
أ- نمط الأسرة وما يرتبط به من عناصر مثل الزواج المفضل في شبكة العلاقات القرابية ونمط السكن و الاختيار للزواج Mate-Selection والسن الأفضل للزواج وحق المرأة في التعليم والزواج والعمل .
ب- ارتباط نمط الأسرة وعناصرها بمجموعة من المتغيرات كنمط النشاط الاقتصادي والتعليم والهجرة ووسائل الاتصال .
جـ- تأثير متغيرات كالإنتماء الديني والسياسي وقيام الروابط والجمعيات الطوعية علي الأسرة وعناصرها في ارتباطها بمتغيرات الاقتصاد والتعليم .
هذا وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج تمثلت في تعرض مجتمع الدراسة لظاهرة التغير الاجتماعي الثقافي من خلال عملية التحضر والتي بموجبها يمر المجتمع بمرحلة تحول من قرية إلى مدينة وذلك من خلال مجموعة من المتغيرات على النحو الآتي:
1- تغير نمط النشاط الاقتصادي من الزراعة كنشاط أساسي وتقليدي إلى نشاط اقتصادي حضري، حرفي ، مهني . وحدث تغير تبعاً لذلك في العناصر المرتبطة بالأسرة مثل الزواج المفضل ، معيار الاختيار للزواج وحق المرأة في التعليم والزواج والعمل وكذلك نمط السكن.
2- ارتفاع مستوى التعليم والوعي وارتباط ذلك بالتغير الذي طرا على نمط النشاط الاقتصادي وما نتج عنه من تغير في عناصر الأسرة .
3- مجتمع الدراسة يكون متصلاً ريفيا حضريا يمثل طرفية كل من شمبات القديمة وامتداد شمبات.
4- اختفاء ( الخلوة) كمكان للممارسة الدينية ووسيلة تعليمية تقليدية كما أن ضعف الانتماء للطرق الصوفية يعد مؤشراً لمرور مجتمع الدراسة بمرحلة تحول من مجتمع ريفي إلى حضري.
5- أدت وسائل الاتصال إلى ضعف العلاقات الاجتماعية الأولية وان لم تستطع أن تحدث تغيرا في المجتمع بما تحمله من أفكار وثقافات، حيث أن المجتمع مازال محافظا ومتحفظا تجاه الجديد من الأفكار والثقافات فالمجتمع هنا يأخذ سمة المجتمع الريفي أكثر من الحضري .
6- ضعف الانتماء السياسي في مجتمع الدراسة يعد مؤشراً لأخذ مجتمع الدراسة سمة الحضرية.
7- انتشار الروابط والجمعيات الطوعية يعد مؤشراً لأخذ مجتمع الدراسة سمة المجتمع الحضري.
مقدمة:
والدراسة تحاول أن تقدم تحليلاً نظرياً لمظاهر التغير الاجتماعي الثقافي في شمبات القديمة والذي من نتائجه (أي التغير الاجتماعي الثقافي) حدوث عملية التحضر فشمبات القديمة تعبر عن تلك الظاهرة في مرورها بمرحلة تحول حضري من خلال عملية مستمرة في تحولها من قرية الي مدينة . فالحضرية تعد مؤشراً من المؤشرات الدالة علي حدوث التغير الاجتماعي الثقافي وفي نفس الوقت من العوامل المؤدية إليه فقد عرف التحضر(1) بأنه عملية ونتيجة في آن واحد فهو من عمليات التغير الاجتماعي، تتم عن طريق انتقال اهل الريف أو البادية الي المدينة وإقامتهم بمجتمعها المحلي أو هو عملية إعادة توزيع السكان من الريف الي المدينة والي المراكز الحضرية الأخري .
فالدراسة حاولت الربط بين الاطار النظري لها والمتمثل في أدبياتها وبين الجانب التطبيقي المتمثل في الدراسة الميدانية وذلك من خلاله محاولة التعرف الي أي مدي ينطبق مفهوم التحضر علي مجتمع الدراسة وكذلك الي أي يمكن أن تنطبق خصائص الحضرية علي مجتمع الدراسة بالإضافة الي مناقشة معايير مثل معيار ازدياد السكان والمعيار الضريبي والمهنة وحجم المجمتع المحلي وتجانس ولاتجانس السكان التباين وتدرج الاجتماعي وظاهرة التنقل المكانية والمهنية ونسق التفاعل كخصائص للمنطقة الحضرية بدارسات علم الاجتماع الحضري . كما حاولت الدارسة معرفة الي أي مدي تتوفر سمات المجتمع الحضري في مجتمع الدراسة .
وكل ذلك تم من خلال تطبيق نظريات علم الاجتماع الحضري مثل نظرية لويس ويرث عن الحضرية كطريقة للحياة ونظرية روبرت رد فيلد عن المتصل الريفي الحضري علي مجتمع الدراسة - (خاصة وأن الدراسة افترضت أن مجتمع شمبات يمثل متصلاً ريفياً حضرياً)- . ونظرية كل من بارك وبيرجس عن ايكولوجية المدينة علي مجتمع الدراسة لمعرفة الي أي مدي ينطبق ما جاء في تلك النظريات علي مجتمع الدارسة ، كما تناول المقال متغيرات كل من الزواج والنشاط الاقتصادي والتعليم والهجرة ووسائل الاتصال والانتماء الديني والسياسي وظهور منظمات المجتمع المدني كعوامل للتغير الاجتماعي الثقافي ومدي ارتباطها بواقع الدراسة.
التغيـر الاجتمـاعي الثقـافـي.
الدراسة تعرضت لمفهومي التغير الاجتماعي والثقافي كمفهومين مرتبطين ببعضهما بل ومتداخلين بدرجة لا يمكن معها الفصل بينهما خاصةً وأن البعض يعتبر أن التغير الاجتماعي جزء من التغير الثقافي والبناء الاجتماعي هو الذي يتعرض لهذا التغيير اجتماعياً كان أم ثقافياً وبما أن البناء الاجتماعي عبارة عن كل متكامل فإن أي تغيير يحدث في أي جزء من أجزائه يؤثر على بقية الأجزاء وذلك يعني أن التغير الاجتماعي يقود إلى تغير ثقافي كما أن التغير الثقافي يحمل تغير اجتماعي، إذاً فالمفهومان مرتبطان ارتباطاً وثيقاً لذا فالدراسة هنا تأخذهما كمفهومين مترابطين بالرغم من اختلاف المناهج والنظريات التي تعالج كل منهما.
وبما أن البناء الاجتماعي هو المسرح الذي تجرى عليه أي تغيرات تطرأ على المجتمع فلابد من التعرض له كمدخل لدراسة التغير الاجتماعي والثقافي والتصور البسيط للتغير الاجتماعي(1) هو ذلك القالب الذي ينصب فيه كيان المجتمع بتكويناته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وقد لفت مفهوم البناء الاجتماعي العلماء الأوائل في علم الاجتماع فنجد أن أوجست كومت قد استخدم مفهوم الاستقرار الاجتماعي Social Static في مقابل مفهوم الحركةالاجتماعية Social Dynamic حيث أصبح مفهوم الاستقرار الاجتماعي يعبر عنه بعد ذلك بالبناء الاجتماعي كما أن دوركايم استخدم نفس الفكرة في مفهوم التركيبات المورفولوجية بل وأن الفكرة تمتد إلى منتصف القرن الثامن عشر حيث تحدث مونتسكيو عن أن كل مظاهر الحياة الاجتماعية تؤلف لنا وحدة متماسكة منسجمة رغم ما بينها من تفاوت واختلاف وأن هنالك علاقات تساند واعتماد متبادلين بين هذه المظاهر المختلفة ففي كتابه (روح القوانين) 1748 يبين لنا أنه لا يمكن فهم القانون الدولي أو الدستوري أو الجنائي أو المدني في أي مجتمع من المجتمعات إلا في ضوء علاقتها كلها بالتركيب السياسي والحياة الاقتصادية والدين والمناخ وحجم السكان والعادات وقواعد العرف بل وفي أمزجة الناس.
وقد ظهر المفهوم بوضوح وبشكل علمي(1) في كتابات العالم البريطاني هربرت سبنسر في حديثه عن المماثلة العضوية التي يماثل فيها بين المجتمع والكائن الحي وقد ساعدت هذه المماثلة في إبراز فكرتي البناء والوظيفة فقد كان سبنسر يؤكد ضرورة وجود التساند الوظيفي والاعتماد المتبادل بين نظم المجتمع في كل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي وأن الغاية التي يهدف إليها هي إيجاد حالة من التوازن تساعد المجتمع على الاستمرار في الوجود.
وكل هذا يعبر عنه التغير في نظم المجتمع (اقتصادية، دينية، سياسية.. الخ) وقد يكون هذا التغير تطوري أو تقدمي أو إلي الخلف والمماثلة التي أقامها هربرت سبنسر بين المجتمع والكائن الحي لعبت دوراً كبيراً في إمكانية تصور مفهوم البناء الاجتماعي، فالكائن العضوي الحيواني هو مجموعة من الخلايا والسائل بين الأنسجة الخلوية مرتبة بالنسبة لبعضها البعض كنسق متكامل من الجزئيات المركبة، ونظام العلاقات الذي يربط بين هذه الوحدات هو ما يسمى بالبناء العضوي. ويحتفظ الكائن العضوي على مدى حياته باستمرار معين للبناء بالرغم من أنه لا يحتفظ بمطابقة كاملة للأجزاء المشكلة له فهو يفقد بعض جزئياته المقدمة بالنفي والإفراز ويكتسب أخرى بالتنفس وعملية الامتصاص الغذائي، لكن الترتيب البنائي لوحداته المكونة له يبقى متماثلاً. والعملية التي يعبر عنها باستمرار البناء للكائن العضوي تسمى الحياة والتي تتكون من أنشطة وتفاعلات الوحدات المكونة للكائن العضوي تفهم على أنها الأداء الوظيفي لبنائه.
وعلى هذا إذا انتقلنا من الحياة العضوية إلى الحياة الاجتماعية ودرسنا مجتمعاً محلياً مثل قبيلة أفريقية أو أسترالية فإننا نستطيع التعرف على البناء الاجتماعي لها أو أن أفرادها هم الوحدات الأساسية في هذا البناء مرتبطون بواسطة مجموعة محددة من العلاقات الاجتماعية في كل متكامل. واستمرار البناء لا ينقطع بالتغيرات في الوحدات حيث أن أفرادها قد يتركون المجتمع بالموت وأن آخرين قد يدخلون فيه. ويحافظ على استمرار البناء بواسطة عملية الحياة الاجتماعية التي تتكون من الأنشطة والتفاعلات لأفراد الأسر والجماعات المنظمة التي يندمجون فيها وتعرف والحياة الاجتماعية فكرة احتواء البناء على مجموعة من العلاقات بين كيانات متحدة، واستمرار البناء يتم بالحفاظ في نظم المجتمع (اقتصادية، سياسية، دينية) وقد يكون هذا التغير تطوري أو تقدمي أو تغير للخلف. وقد وصلت الفكرة إلى زروتها في تفكير العالم اميل دوركايم في معالجته لموضوع الحقائق الاجتماعية Social Facts والتي تمتاز بعموميتها وقدرتها على الانتقال من جيل لآخر وفرض سيطرتها على المجتمع.
وقد عرف رادكليف براون البناء الاجتماعي(1) بأنه شبكة العلاقات الاجتماعية العقلية التي تقوم بين سائر الأشخاص في المجتمع وقد اعتبر براون الأسرة وحدة أولية للبناء الاجتماعي إلا أن ايفانز برتشارد يختلف معه في أن الأسرة لا يمكن الاعتماد عليها كوحدة ثابتة بدرجة عالية من الثبات والتركيب والتي تتألف من مجموعة من الأشخاص يعتبرون أنفسهم وحدة قائمة بذاتها وترتبط بسائر العلاقات الأخرى في علاقات بنائية.
كما أن ايفانز برتشارد يختلف مع براون حول مفهوم البناء الاجتماعي فبروان يرى أن الأنساق الاجتماعية أنساق طبيعية يمكن معالجتها بتطبيق مناهج العلوم الإنسانية باعتبارها فرعاً من الطبيعيات في حين أن ايفانزبرتشارد يرى أن الأنساق باعتبارها فرعاً من الأنسانيات. إذاً فالبناء الاجتماعي عبارة عن فرع بين مجردات Aconsistency of Abstractions .
كما أن مفهوم الثقافة يعتبر أحد المفاهيم التي ترتكز عليها الدراسة فبما انه تم تناول البناء الاجتماعي الذي تجري عليه عملية التغير الاجتماعي فلابد من التعرض لمفهوم الثقافة كجزء من هذا البناء.
فقد عرفت الثقافة بأنها ذلك الكل المتكامل الذي يشتمل على الأدوات وسلع المستهلكين والقواعد القانونية لكافة الجماعات الاجتماعية والأفكار والحرف الإنسانية والمعتقدات والأعراف وسواء كانت الثقافة بسيطة جداً أي بدائية أو على أعلى درجة من التعقيد والتطور فإنها تعتبر مادية في جانب منها وإنسانية في جانب ثان وروحية من جانب ثالث يكون الإنسان بواسطتها متمكناً من التغلب على المشكلات الملموسة التي تواجهه حيث أن هذه المشكلات تظهر كنتيجة طبيعية لإشباع حاجات الإنسان العضوية المختلفة وأنه يعيش في بيئة تعتبر أفضل صديق له لأنها تمده بالمواد الخام اللازمة لحياته كما أنها تعد أخطر عدو له لما تنطوي عليه من قوى معادية كثيرة.
واعتماداً على هذا التعريف ذهب مالينوفسكي(1) إلى القول بأن نظرية الثقافة تبنى على حقيقة بيولوجية فالكائنات البشرية هي أساس أجناس حيوانية أي أنها عرضة لظروف أولية ينبغي أن تشبع من أجل المحافظة على بقاء النوع واستمراره ، كذلك فإن الإنسان يخلق أثناء قيامه بعمل الأشياء المصنوعة من خلال قدرته على إنتاجها بيئة ثانوية.
وقد عرف رالف لينتون لثقافة بأنها كل ما صنعه أي شعب من الشعوب أوجد لنفسه من مصنوعات يدوية ومحرمات ونظم اجتماعية سائدة وأدوات ومعاول وأسلوب للتعبير فهي باختصار كل ما صنعه الإنسان أينما وجد.
وعرفها جيمس داون (1) بأنها مجموعة من الرموز المشتركة بين جماعة من الناس وينقلونها للأجيال القادمة ، وعموماً تتكون الثقافة من عناصر أساسية يمكن إجمالها في الآتي:
أ- المعايير أو أنماط السلوك:
وهي قواعد وأنماط للسلوك تحدد ما هو متوقع أو صواب أو مناسب لموقف من المواقف وهي موجهات للشخص بما ينبغي أن يفكر فيه ليفعله أو يشعر به وتفرضها الجزاءات أو المكافآت للسلوك الصحيح والعقوبات للسلوك الخاطئ فالمعايير هي أنماط رسالية في عقول المشاركين في أي ثقافة بمعنى قد لا تتحقق في أرض الواقع بصفة قاطعة والمعايير تنقسم إلى:
1- الطرق الشعبية والتي هي استعمالات تحكم كل الاتصالات اليومية الروتينية التي تقوم
بيننا وبين الآخرين فهي تحدد ما هو صحيح اجتماعياً وينفذ بصورة غير رسمية.
2- قواعد العرف وهي معايير حيوية لوجود الجماعة وهي إجبارية وملزمة والجزاءات التي تنفذها لصاحبها ذات مضمون عاطفي قوي وهي تحدد الصواب والخطأ في المجتمع ويتم التعبير عنها في صورة (ينبغي أن تفعل هذا السلوك) وهي في هذه الحالة تسمى محرمات (Taboos) ففي ثقافتنا هنالك عدة محرمات منها القتل والسرقة والخيانة وشرب الخمر والزنا.
ب - المعرفة والمعتقدات والقيم:
تعتمد المعايير على ما يعرفه الناس ويعتقدون فيه ويضيفون عليه قيمة معينة، فالمعرفة والمعتقدات تنقل إلى الأعضاء الجدد في المجتمع بالطريقتين الرسمية وغير الرسمية على السواء يقوم بها الآباء والزملاء والمدرسون ورجال الدين عن طريق التعليم الديني والدنيوي فالقيمة قد تكون واضحة أو متضمنة. والقيمة تنطوي على المعايير أو المبادئ التي يتم بواسطتها اختيار الأهداف الفردية والاجتماعية وهي وسيلة الحكم على الأهداف وهي تحدد ما هو مرغوب ومهم وجديد. وهي تفسر السلوك وتبرره وتتفاوت القيم من حيث الأهمية فهنالك قيم أساسية وهي التي تحدد الأهداف الرئيسية للمجتمع أو الجماعة.
جـ - الأشياء ومعانيها:
نجد أن الثقافة نمت(1) وازدهرت عندما استخدم الإنسان صناعة الأشياء فنحن نعيش وتحيط بنا ثقافة مادية – الآلة، الكنبة، المصباح الكهربائي، الورق، القلم، الكرسي، المنزل وهذه كلها أشياء مادية صنعها الإنسان وهي تحمل معاني بالنسبة له ولكن معنى بعضها قد لا يدركه شعب آخر له ثقافة أخرى مغايرة والأشياء مثل الأفعال جزء من الثقافة ولكل منها معنى ثقافي مشترك بين الناس عن صورها واستعمالاتها وأغراضها فمثلاً مفهوم الملكية في كل ثقافة يتضمن معايير تتعلق بحيازة الأشياء والحصول عليها وتقديمها للآخرين فالمعايير الثقافية والمعرفة بما في ذلك المهارات تحدد طريقة صنع الأشياء واستخداماتها في حين أن المعتقدات والقيم الثقافية تطغي على الأشياء معنىً. ولا نستطيع أن نتصور أي ثقافة دون عناصرها المميزة لها.
ومن هذا الاستعراض لمضمون البناء الاجتماعي ومفهوم الثقافة تظهر لنا العلاقة الوثيقة بين مفهومي التغير الاجتماعي والثقافي. فإذا سلمنا بأن من أهم الشروط لحدوث التغير الاجتماعي تراكم السمات الاجتماعية والثقافية التي ترتبط ببعضها مكونة خبرات اجتماعية وثقافية جديدة فإن ذلك يجعلنا ندرك صعوبة الفصل بين مفهومي التغير الاجتماعي والثقافي فهما ينبثقان من المجتمع والثقافة اللذان يمثلان وجهان لعملة واحدة فالدراسة تقوم علي دراسة المفهومين دراسة كلية وليست جزئية فهي لا تدرس مظاهر التغير الاجتماعي أو الثقافي منفردة وإنما تدرسهما كظواهر متحدة.
التغيــر الاجـتمـاعي:
إن التغير الاجتماعي صفة لازمة لكل المجتمعات الإنسانية وقد تنبه المفكرون منذ القدم إلى ظاهرة التغير الاجتماعي واعتبرها بعضهم حقيقة الوجود أي أن كل موجود لابد أن يتغير بمعنى أن التغير لا الثبات هو الدال على وجود الموجود وقد عبر عن هذه الفكرة المفكر اليوناني هر قليطي في مقولته أن الفرد لا يستطيع أن يقول: أن أعبر النهر مرتين على اعتبار أن ذرات الماء التي لامست جسمه في المرة الأولى غيرها في المرة الثانية كما أن الشخص نفسه قد يتغير (مثلاً مزاجه، تكوينه الفسيولوجي) والتغير أكثر حركة وسرعة في مجتمع الحضر عنه في مجتمع الريف وقد يعود السبب في ذلك إلى قوة وسيطرة الضبط الاجتماعي في الريف عنه في الحضر فسكان الحضر أكثر استجابة للتغير الذي يطرأ على القيم والعادات والتقاليد من سكان الريف.
وقد عرف التغير الاجتماعي(1) بأنه تلك التحولات والتبدلات التي تحدث في التنظيم الاجتماعي أي التي تحدث في البناء الاجتماعي وفي وظائف هذا البناء المتعددة وهنا ينظر للتغير الاجتماعي على أنه جزء من موضوع أوسع وهو التغير الثقافي والذي يشمل كل التغيرات التي تحدث في كل فروع الثقافة بما في ذلك الفنون والعلوم والتكنولوجيا بالإضافة إلى تلك التغيرات التي تحدث في قواعد التنظيم الاجتماعي أساساً، ويقصد بتغير النظام الاجتماعي التغير في صور التنظيم والأدوار ومضمون الأدوار فالتغير مثلاً من نظام تعدد الزوجات إلى نظام وحدانية الزوج والزوجة من أمثلة التغيرات التي تطرأ في نظام المجتمع كما هنالك التغيرات التي تحدث في مراكز الأشخاص حيث يقومون بأدوار جديدة في النسق الاجتماعي.
كما عرف التغير بأنه الاختلاف ما بين الحالة الجديدة والحالة القديمة أو اختلاف الشيء عما كان عليه في فترة محددة من الزمن وحينما تضاف كلمة الاجتماعي التي تعني ما يتعلق بالمجتمع فيصبح التغير الاجتماعي هو ذلك التغير الذي يطرأ بداخل المجتمع أو التبدل أو التحول الذي يطرأ على جوانب المجتمع. وبمعنى آخر هو التحول الذي يطرأ على البناء الاجتماعي في فترة محددة من الزمن.
غير أن كل تغير يطرأ على المجتمع ليس هو تغيراً اجتماعياً فمثلاً ظاهرة الانتخابات هي ظاهرة عابرة أو وقتية (حادثة) وكذلك حالة الحريق والتجمعات والأحزاب … وهكذا، ولكي يتم التمييز بين التغير الاجتماعي وبين غيره من التغيرات فقد ذهب جي روش إلى أن للتغير الاجتماعي أربعة صفات هي:
1- التغير الاجتماعي ظاهرة عامة وتوجد عند أفراد عديدين وتؤثر في أسلوب حياتهم وأفكارهم.
2- التغير الاجتماعي يصيب البناء الاجتماعي ويؤثر في هيكل النظام الاجتماعي في الكل أو الجزء فالتغير الاجتماعي المقصود هنا هو التغير الذي يحدث أثراً عميقاً في المجتمع وهو التغير الذي يطرأ على المؤسسات الاجتماعية كالتغير الذي يطرأ على بناء الأسرة وعلى النظام الاقتصادي والسياسي وما إلى ذلك.
3- التغير الاجتماعي يكون محدداً بالزمن مبتدئاً بفترة زمنية ومنتهياً بفترة زمنية أخرى من أجل مقارنة الحالة الماضية بالحالة الراهنة من أجل الوقوف على مدى التغير ولا يتأتى إدراك ذلك إلا بالوقوف على الحالة السابقة أي أن قياس التغير يكون انطلاقاً من نقطة مرجعية في الماضي.
4- يتصف التغير بالديمومة والاستمرارية وذلك يمكن من إدراك التغير والوقوف على أبعاده أما التغير الذي ينتهي بسهولة فلا يمكن فهمه.
إذاً فالتغير الاجتماعي هو كل تحول في البناء الاجتماعي يلاحظ في الزمن ولا يكون مؤقتاً سريع الزوال لدى فئات واسعة من المجتمع ويغير مسار حياتها. وقد تعرض كل من جيرث وملز إلى ماهية التغير الاجتماعي(1) حيث يعتبران التغير الاجتماعي هو التحول الذي يطرأ على الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها الأفراد وكل ما يطرأ على النظم الاجتماعية وقواعد الضبط الاجتماعي التي يتضمنها البناء في مدة معينة من الزمن.
وقد كان موضوع التغير الاجتماعي في وقت ما مشكله من أهم وأصعب المشاكل في علم الاجتماع فقد حاول أوجست كومت وبعض علماء القرن التاسع عشر تحديد أهم العوامل المؤدية للتغير الاجتماعي واتجاهاته ، خاصةً بعد النتائج التي طرحتها الثورة السياسية في فرنسا والثورة الصناعية في بريطانيا وأصبح البحث عن نظرية للتغير الاجتماعي أو الديناميت الاجتماعية التي تكشف عن قوانين الحركة والتغير في المجتمعات تمثل النقاط الجوهرية في مجال علم الاجتماع في القرن التاسع عشر. كما كان لظهور المجتمع الرأسمالي والحركات الثورية الاجتماعية التي صاحبته في ذلك الوقت بما في ذلك النمو الحضري وتطور الاتجاه الصناعي هنا وتشكل الأفكار والجماعات الدور الأكبر في اهتمام التحليل السوسيولوجي لظاهرة التغير.
عوامل التغير الاجتماعي والثقافي:
الدراسة ركزت على العوامل المؤدية لحدوث التغير الاجتماعي الثقافي على اعتبار أن هذه العوامل متداخلة وليست ثابتة وتختلف باختلاف المجتمعات والظروف المحيطة بها بل وقد يضعف تأثيرها في مجتمع ما في وقت ما بينما تقوى في وقت آخر في نفس المجتمع. فقد تلعب العوامل الطبيعية دوراً في إحداث التغير الاجتماعي في إحدى المجتمعات بينما يضعف تأثيرها أو يختفي تماماً في مجتمع آخر وقد يلعب العامل الاقتصادي الدور الأكبر في إحداث التغير في مجتمع ما بينما يبرز العامل السياسي لإحداث التغير في مجتمع آخر… وهكذا.
هذا مع ملاحظة أن تأثير هذه العوامل يتم بصورة تكاملية وليست جزئية أي أن التغير الذي يطرأ على المجتمع إنما هو تغير يطرأ على البناء الاجتماعي بسبب عوامل اقتصادية مثلاً ولكن ذلك لا يعني أنها (أي العوامل الاقتصادية) هي العامل الأوحد في إحداث التغير وإنما تتداخل معها عوامل أخرى بحسب طبيعة المجتمع الثقافية ونظمه الاجتماعية فاستجابة المجتمع مثلاً لكارثة طبيعية لا يتحدد مباشرة بنوع الكارثة وإنما نتيجة للظروف التي ذكرت مجتمعة.
وعوامل التغير الاجتماعي قد توجد في داخل البناء الاجتماعي(1) كما توجد خارجة وهناك فكرة محورية في إحداث التغير وهي فكرة صراع الأدوارحيث أن الصراع عملية إجتماعية تحدث نتيجة للتفاعل بين أفراد المجتمع ويعبر عن هذا التفاعل ما يسميها العلاقات إلاجتماعية التي تأخذ صورة صراع او تعاون أو تنافس فالصراع الذي يعيشه الفرد جراء اختلاف الأدوار التي يقوم بها يقود إلى إحداث التغير، فتحديد المجتمع لدور الأم لا يتفق مع تحديد نفس المجتمع لدور المرأة العاملة فعندما يتكرر الصراع والتوترات الناجمة عن صراع هذين الدورين فمن المؤكد أنه يحدث تغير في الموقف يتطلب أن تتعدل قواعد هذا الدور أو ذاك بناءً على ذلك. وصراع الأدوار لا يقف عند صراع الفرد مع نفسه بل يتعدى ذلك إلى صراع المصالح في المجتمع وعلى كافة المستويات وعلى مستوى أصغر وحدة في المجتمع وهي الأسرة التي تحدث صراعات بين مصالح أعضائها والصراع يحدث كذلك في الجماعات الأولية بين الأسر المختلفة داخل القبيلة أو القرية أو في جماعة الجوار وبين الشلل المختلفة داخل جماعة الفنانين أو العلماء وبين جماعات العمل في أحد المصانع أو المؤسسات بل وعلى مستوى الجماعات الأكبر وهي الدولة حيث نجد صراع المصالح السياسية التي تهدف دائماً إلى إحداث تغيرات سواء داخل الإطار التقليدي أو عن طريق تغيير المعايير المعمول بها في الدولة غير أنه ليس من المحتم دائماً أن تقف جماعات المصالح في صراع مباشر ضد بعضها فالمصالح قد تكون اقتصادية أو أيدلوجية أو سياسية أو متنوعة.
وقد أخذ كل من الزواج والتعليم والوعي والهجرة والعامل الاقتصادي والديموقرافي والديني والسياسي ووسائل الاتصال وظهور الروابط والجمعيات الطوعية كعوامل أو كمؤشرات استدل من خلالها على حدوث تغير اجتماعي ثقافي تمثل في تعرض منطقة شمبات القديمة لتحول تدريجي من قرية إلى مدينة وهذا يعبر عن الفكرة التي تعرف الحضرية بأنها من المؤشرات الدالة على التغير الاجتماعي، وقد أخذت عوامل التغير الاجتماعي هذه في نفس الوقت كمؤشرات نوقشت في ثنايا الحديث عن مظاهر التحضر في مجتمع الدراسة.
النظريات التي تعالج مفهوم التحضر:
نجد ان(1) من الذين أثروا الدراسات الحضرية ماكس فيبر وبالرغم من أنه طور نموذجاً مثالياً لايوجد في الواقع الا انه طور تعريفاً للمجتمع الحضري تضمنت عناصره ضرورة سيطرة العلاقات التجارية وتوافر عدد من الشروط الاساسية مثل وجود الحصن والسوق والمحكمة والاستقلال الذاتي ولعل هذا يعبر عن نظرية ويرث عن الحضرية كطريقة للحياة والتي صاغها لاحقاً .
ومجتمع الدراسة ليس بعيداً عن هذه العناصر التي ذكرها فيبر في تعريفه فهو مجتمع أصبحت علاقات التجارة والمصالح الاقتصادية القائمة علي التنوع المهني هي المسيطرة كما أن الاستقلال الذاتي المبني علي الاستقلال الاقتصادي أصبح يميز ساكن شمبات كما نجد أن نظام السوق يلعب دوره في إقتصاديات المجتمع .
وقد أحدثت مدرسة شيكاغو تطوراً ملحوظاً في مجال الدراسات الحضرية وذلك بفضل اعمال ويرث ، بارك ، وارنت بيرجس وروبرت رد فليلد .
فقد وصف بيرجس المدينة التجارية بانها بناءاً تجارياً وادي وجود السوق فيه وتطوره الي انهيار الطرق التقليدية للحياة واستبدالها بأخري تقوم علي المصالح والوظيفة والمهنة كما تحل البيروقراطية محل الترتيبات غير الرسمية في حياة الافراد فإدارات الشرطة والمحاكم ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والتنظيمات السياسية وتزايد السكان وتطويرهم وحلت وسائل الاتصال الجماهيرية الرسمية محل شبكة الاتصال الشفوي .
ومجتمع الدراسة ليس بعيداً عن تصور بارك فتغير نمط النشاط الاقتصادي وقيام نظام السوق ادي الي إنهيار الطرق التقليدية للحياة والتي كانت مرتبطة بالارض والزراعة فقط حيث كانت مسألة التسويق فيها تتم في حدود ضيقة لاتتعدي فائض الانتاج الذي كان بغرض الاستهلاك الذاتي اما الآن فيوجد في مجتمع الدراسة سوق داخلي خاص بالمجتمع (وهو سوق العرب) ومع ذلك فالعلاقات داخل السوق ليست قاصرة علي افراد المجتمع فالبائعين هم من سكان شمبات ومن الاحياء المجاورة بينما المشترين كلهم من سكان شمبات . فالعلاقات بينهم علاقات تجارية تختفي فيها علاقات الوجه للوجه. كما يوجد بشمبات سوق كبير وهو (السوق المركزي) فهو سوق عام يخدم سكان شمبات ومنطقة بحري كلها والعلاقات فيه علاقات تجارية بحتة كما يلحق بالسوق خدمات بنكيه متمثلة في البنك الزراعي السوداني وبنك المزارع التجاري .
وفي شمبات نجد المؤسسات الاجتماعية الرسمية كالروضة والمدرسة واللجنة الشعبية ومكتب وحدة شمبات الذي يقوم خدمات متمثلة في تحصيل ( العوائد ) وهي الضرائب علي خدمات المياه وعلي المنازل وكذلك حل اشكالات إمتلاك الاراضي كما نجد مراكز بسط الامن الشامل التي تعمل علي حفظ الامن وتحد من حدوث الجريمة وكذلك يحل أفراد المجتمع اشكالاتهم القضائية في المحاكم وتوجد دور الرعاية الاجتماعية مثل دور صحة الامومة والطفولة ومركز تنظيم الاسرة وكل هذا يعبر عن الترتيبات والرسائل الرسمية في الاتصال الجماهيري.
أما التصور الذي وضعه كل من بارك وبيرجس والمتمثل في نظريات(1) النطاق المكاني المركزي فإن مجتمع الدراسة لاينطبق عليه التقسيم الذي وصفه بيرجس الا في حالة النظر اليه ( أي مجتمع الدراسة ) في نطاق أكبر وعبر نطاق العاصمة الخرطوم ، حيث أن تحليل بيرجس لنمط استخدام الارض علي أنه محصلة نهائية لعملية معقدة يحدث من خلالها ميل المدينة للتوسع والاحتلال الأمر الذي يدفع بالمناطق الداخلية الي غزو المناطق التي تحيط بها ومن ثم يحدث نوع من التوسع فالغزو التعاقب وهو أمراً يكاد ينطبق علي مجتمع شمبات حيث نمط استخدام الأرض لم يعد للزراعة وإنما أصبح بغرض السكن والاستثمار وذلك أدي إلي اتساع المدينة وإمتدادها من الجهة الشرقية حيث ظهر إمتداد شمبات كإمتداد لها .
واما بالنسبة لنظرية ويرث عن الحضرية كطريقة للحياة فالمدينة عنده عبارة عن وحدة عمرانية كبيرة نسبياً تتميز بالكثافة السكانية وهي مقر دائم لافراد غير متجانسين سيكولوجي وسوسيلوجي اما علي المستوي السيكولوجي فإن حياة المدينة تتطلب استجابة مختلفة من الافراد كما ان التوافق مسألة ضرورية للحفاظ علي الاتزان العقلي الذي يحرر ساكن الحفر من القيود التي كانت مفروضة عليهم وكذلك يحررهم من قيود الارتباط بغيرهم وبالتالي سكان المدينة منعزلين يتميزون بالجفاف والغلظة ويصاحب ذلك ضعف العلاقات ويتقاعل الافراد فرادي ممايؤدي الي ضعف تماسك المجتمع المحلي .
أما علي المستوي الاجتماعي فيسود التخصص وتقسيم العمل ويؤدي حجم وكثافة السكان الي قدر كبيرلا من تمايز المجتمع وضعف العلاقات الاجتماعية الناتج عن إختلاف الافراد عن بعضهم البعض في أعمالهم وأسلوب حياتهم بالدرجة التي يصير معها التطابق الاخلاقي مسألة صعبة.
واذا قارنا الناتج التي توصل اليها ويرث بأسلوب الحياة في مجتمع الدراسة نجد انها لا تنطبق بدرجة كاملة كما لاتستطيع أن ننفي إنطباقها في بعض الجوانب .
فإذا أخذنا الروابط السطحية والضعيفة التي تربط سكان المدينة ببعضهم والتي تكون سمة مرتبطة بنموها وبتأييد سكانها نجد أن مجتمع الدراسة ينطبق عليه الروابط والعلاقات القوية بين سكانه المتجانسين في المعتقدات واللغة والعادات والتقاليد ، غير أن نمو المدينة من خلال تزايد سكانها وكذلك تعتمد نمط الزواج والسكن المرتبطات بتغير نمط النشاط الاقتصادي يمكن من المتوقع بأن تصبح العلاقات الاجدتماعية أكثر ضعفاً.
ومن النتائج التي توصل اليها ويرث ارتباط التخصص وتقسيم العمل بنوع العلاقات التي يمكن استخدامها لتحقيق أهداف معينة حيث تسيطر الشركات والمؤسسات علي حياة الافراد وعلي نوع الوظائف التي يعملون بها وهذا يعني ان المدينة تفقد روح العائلة باستمرار لان تلك الشركات والمؤسسات لاتحتمل إنشاء علاقات المودة والمجاملة والعصبية التي تميز المجتمع الريفي . ومجتمع الدراسة اصبح يتجه للتخصص وتقسيم العمل . من خلال عمل أفراده في أنشطة اقتصادية مختلفة وبالتالي فالمجتمع يتجه نحو الاساليب النظامية وبالتالي الدخول في علاقات رسمية مما يؤدي الي ضعف العلاقات وإختفاء العصبية.
والاحتمال الذي وصفه ويرث بأن زيادة حجم المدينة يعرضها للامتداد خارج حدودها التقليدية مما يسهل معه إجتماع سكانها في مكان واحد وبالتالي الاعتماد علي الوسائل الغير مباشرة في الاتصال (أي العلاقات الاولية) يكاد ينطبق علي مجتمع الدراسة حيث أنه إمتد الي خارج حدوده التقليدية مما أدي الي ظهور إمتداد شمبات وبالتالي بدأ السكان في الانتقال الي الامتداد كما انه وفد الي الامتداد سكان من جهات اخري مما زاد درجة التباين بين السكان ومع ذلك فقد ظلت العلاقات قوية بين سكان شمبات القديمة وبين الذين رحلوا الي امتداد شمبات قوية بالرغم من عدم وجودهم في مكان واحد وهذا يعبر عنه أن ظاهرة التحضر في جوانبها المختلفة في المجتمع السوداني لا تخرج عن الاطار العام لظاهرة التحضر في الشرق الاوسط والتي لها سماتها وخصائها التي تميزها عن ظاهرة التحضر بصفة عامة وقد اختلفت الظروف والملابسات التي ادت الي نشاط الظاهرة فالمجتمع الحضري في الشرق الاوسط تسوده العلاقات القوية وذلك بسبب أن معظم سكان الحضر يعودون الي أصول ريفية حيث يسود طابع النشاط الاقتصادي الزراعي والرعوي والذي يتطلب العمل الجماعي وبالتالي سيادة الروح الجماعية والعلاقات القوية.
وأحد فروض الدراسة أن مجتمع الدراسة يمثل متصلاً ريفياً حضرياً، والافتراض ينطبق علي نظرية رد فيلد عن المتصل الريفي الحضري حيث أن فكرة المتصل(1) تقوم علي تصور أن أي خاصية للظاهرة تمثل درجة معينة وأن هنالك تقسيمات متدرجة من حجم وأهمية هذه الخاصية علي المستوي الامبريفي فالمتصل يعني وجود نوع من التدرج بين خصائص الريفية والحضرية . وإذا نظرنا الي مجتمع الدراسة فهو يقترب من فكرة المتصل التي وضعها فيلد وإن لم ينطبق عليه تماماً ذلك ان دراسة فيلد تقوم علي أربعة مجتمعات محلية بينما مجتمع الدراسة يقوم علي اثنين فقط هما شمبات القديمة وإمتداد شمبات حيث تمثل شمبات القديمة أحد طرفي المتصل وتمثل إمتداد شمبات طرفه الآخر وتتم تطبيق فكرة المتصل علي المجتمعين من خلال المقارنة بين بعض المتغيرات مثل الزواج المفضل وشبكة العلاقات القرابية ونمط الأسرة والسكن . والهجرة ووسائل الاتصال وبأخذ نمط الزواج المفضل من داخل وخارج الدائرة القرابية والأسرة القبيلة المؤثر لمعرفة قرب المجتمع من الحضرية أو الريفية.
فإذا نظرنا للزواج المفضل والسائد في نفس الوقت نجد أن المجتمعين يتشابهان في ذلك وإن كان ذلك التشابه ليس بالدرجة الكاملة فقد توصلت الدراسة الي أن كلا من المجتمعين يمارس الزواج الداخلي وهذا يعني أن المجتمع بشقيه يأخذ صفة الريفية ( فالزواج الداخلي من سمات المجتمع الريفي ) غير أن سكان إمتداد شمبات اكثر قبولاً للزواج الخارجي مما يوصي لنا بفكرة التدرج التي يقوم عليها المتصل .
كما ان فكرة التدرج التي احتوت عليها نظرية ردفيلد عن المتصل الريفي الحضري تتضح في موقف المجتمعين من القبيلة فقد تم التوصل الي ذلك من خلال قياس بعض المعايير ( معيار الافضلية ) أي أحساس الفرد بافضلية قبيلة علي القبائل الاخري و(معيار) الزواج المفضل من داخل او خارج القبيلة ومدي التداخل والانصهار بين القبائل).
ففي مجتمع شمبات القديمة لم يعد الفرد يشعر بذلك الانتماء القوي للقبيلة وان كان لم يلغيه تماماً كما ان اغلبية الزواج من داخل او خارج القبيلة ومدي التداخل والانصهار بين القبائل).
ففي مجتمع امتداد شمبات فالامر فيه يختلف إلي حد ما حيث نجد ان الانتماء للقبيلة في شمبات القديمة اكثر منها في امتداداها ؛ فقد قدرت الباحثة لك بان مجتمع ومتفرقة بالدرجة التي يقل فيها احساس الفرد بانتمائه للقبيلة كما ان موقف سكان الامتداد من الزواج اقوى من موقفهم من الزواج الداخل وهذا يؤكد اختفاء معيارالزواج من داخل القبيلة كمعيار للاختيار للزواج في المجتمع فالزواج من داخل القبيلة يبقى على وحدتها وتماسكها). اذن فالتدرج واضح من الريفية للحضرية مما يدعم فكرة المتصل في هذه الجانب .
واذا نظرنا الى نمط السكن الذي يرتبط بخط الاسرة حيث ان نمط السكن يؤثر في تحديد نمط الاسرة بدرجة كبيرة ونمط السائد في شمبات القديمة عبر نظام الحوش الذي يجمع مجموعة من الاسر الممتدة بينما يختفي هذا النمط في امتداد شمبات وبالتالي نجد في المجتمع الريفي بينما غير الحضري اذن هنا تبدو لنا فكرة التدرج من شمبات القديمة الى امتداد شمبات ففي شمبات القديمة في اسرة النووية هي الغالبة ولكن لا تختفي الاسرة الممتدة تماماً .
واذا اخذنا الهجرة الوافدة كعنصر فعال في تكوين سكان شمبات وكعامل يدخل على عوامل اخرى في ان تصنيف الاراضي السكنية في شمبات القديمة بالتالي ظهورامتداد كنتيجة لذلك كما أن نوعية المهاجرين قد لعبت دوراً في تكوين سكان شمبات القديمة وأخذها طابعاً مميزاً كمدينة تحمل صفات القرية فهم قد أتوا كمزارعين وطبيعة المنطقة زراعية مما ساعد المهاجرين علي ممارسة الزراعة كما انه وفد الي شمبات القديمة كثير من العمال الذين يعملون بالمنطقة الصناعية التي تقع شمبات القديمة في نطاقها ومع تقلص الزراعة كنشاط اقتصادي وظهور الاقتصاد متعدد الاوجه أخذ مجتمع الدراسة طابع المدينة حيث اصبح السكان يمارسون مهن مختلفة (حدادة ، نجارة عمل مهني) .
فمن خلال المقارنة بين شمبات القديمة وامتدادها فقد تعرض الامتداد لنفس الاسباب المؤدية للهجرة الى شمبات القديمة غير أن الظروف التي أدت الى تكوين سكان مجتمع شمبات القديمة تختلف عن تلك التي ادت الى تكوين سكان امتداد شمبات فمجتمع الامتداد يعتبر حديثا نسبيا من حيث النشاة والفترة الزمنية التي حدثت فيها الهجرة اليه فهي أقصرمن حيث النشأة والمدي الزمني الذي حدثت فيه الهجرة إليه فهو اقصر من المدي الزمني الذي حدثت فيه الهجرة الى شمبات القديمة فقد كان ذلك بتخطيط من الدولة حيث كانت المنطقة خالية تماما من السكان بينما نشأت شمبات القديمة كقرية أثرسكانها في المهاجرين اليها أكثر مما تأثروا بهم ، لذلك فأن نتيجة الهجرة إلي المجتمعين مختلفة فدور الهجرة إلي الامتداد لا يتعدي كونها مورداً الغير متجانسين والذين كونوا مجتمعاً حضرياً في النهاية ولم يصل إلي مرحلة الانصهار التي وصل اليها سكان شمبات القديمة الامر الذي جعل امتداد شمبات يبدو أكثر قرباً من الحضرية من حيث صفة عدم التجانس بين السكان وان مجتمع شمبات القديمة اكثر قربا من الريفية من حيث تجانس السكان وانصهارهم الذي تم عبر الزمن وهنا تبرز لنا فكرة المتصل مرة اخرى بالتدرج من التجانس الى اللاتجانس.
وفيما يتعلق بوسائل الاتصال باعتبارها وسيلة بديلة (للعلاقات الاولية) لتحقيق الاتصال وتنقل الافكار والثقافات تتيح فرصة اتساع نطاق البدائل الثقافية امام الفرد مما يؤدي الى تمتع الانماط السلوكية وصعوبة تحديدها وذلك ان مجتمع المدينة يتيح للفرد فرصا ارجى للاختيارحيث يقل هنا دور الضبط الاجتماعي او تخف حدته ، فقد تمت المقارنة بين مجتمعي الدراسة من حيث الدور الذي تلعبه وسائل الاتصال في العلاقات الاجتماعية.
ففي شمبات القديمة تم اخذ جهاز الهاتف كوسيلة بديلة للاتصال الذي كان بين مباشرة من خلال العلاقات الاولية التي تربط بين افراد الاسرة فقد اصبح جهازالهاتف يحل محل تلك العلاقات واصبح الفرد يستخدمه في اتصاله باسرته في بعض الاحوال بينما كان في السابق يتصل باسرته مباشرة في كل الاحوال وهذا في نظر الباحثة مؤشر لضعف العلاقات داخل الاسرة.
والمقارنة بين المجتمعين في هذا الجانب كانت نتيجتها انهما لا يختلفان كثيرا في ذلك فقد قلل جهاز الهاتف من الاتصال المباشر بين الاسر وبالتالي ضعفت العلاقات القوية التي كانت يتميز مجتمع شمبات القديمة عن وجه الخصوص وهنا يعبر كلا المجتمعين عن درجة من الحضرية حيث أن العلاقات الثانوية في طريقتها ان تحل محل العلاقات الاولية.
وبالنسبة لوسائل الاتصال الاخرى كالتلفزيون والقنوات الفضائية والاطباق الهوائية نجد ان موقف كلا المجتمعين ما زال محافظا ومتحفظا تجاهها فالمجتمع هنا يقترب من الريفية اكثر من الحضرية فالانسان الريفي دائما متحفظا تجاه الجديد ويتردد كثيرا قبل ان يقدم عليه.
اذا نخرج من كل هذا اننا لا نستطيع ان نصف مجتمع الدراسة انه حضرياً بدرجة كبيرة أو ريفياً بدرجة قليلة فالخصائص الذي يتميز بها مجتمع بشقيه متداخلة وليس هنالك حدود قاطعة تفصل بينهما وهذا ما تؤكده فكرة المتصل الريفي الحضري أي التدرج من خصائص كلا المجتمعين وحددتها بدرجات تقل في جوانب وتزيد في جوانب اخرى.
2- مفهوم التحضر:
ومن خلال الاستعراض الذي تم للنظريات التي تناقش مفهوم التحضر فقد حاولت الباحثة تطبيق ذلك علي مجتمع الدراسة فقد(1) عرف التحضر بأنه عملية تحول المناطق الريفية الي مناطق حضرية وتأثير هذه العملية علي التوزيع الاقتصادي للسكان حيث يتناقص عدد سكان الريف الي أدني حد وتكتسب المدن هذه الاعداد فتزداد بالتالي عدد سكانها الي عرف التحضر بأنه العملية التي بمقتضاها يتحول المجتمع الريفي الي مجتمع حضري أو تأخذ القرية طابع المدينة. وانه المجتمع الذي تحول نشاطه الاقتصادي من الزراعة الي أنشطة أخري كالتجارة والصناعة وغيرها من أوجه النشاط المتصلة بها (الحرف) .
وإذا حاولنا تطبيق ذلك علي مجتمع الدراسة فهو مجتمع تحول من قرية الي مدينة ، فالناظر الي تاريخ شمبات يجد أنها كانت عبارة عن إحدي القري المحيطة بالحلفاية التي كانت عاصمة للعبدلاب ثم تحولت عبر الزمن الي مدينة وقد ارتبط ذلك بعدة عوامل منها ازدياد عدد سكانها عن طريق الهجرة الداخلة الي المنطقة من مختلف انحاء السودان كما ان النشاط الاقتصادي قد تحرك من الزراعة التي كانت هي الحرفة الرئيسية الي نشاط إقتصادي متعدد الأوجه . حرف مهني ، صناعي . كذلك قربها من العاصمة ووجودها كأمتداد للخرطوم بحري ساهم في بروزها كمدينة .
وبالرغم من اختلاف المهتمين بالدراسات الحضرية حول المعيار الذي يكون اساساً لتحديد مايعرف بالتحضر الا ان هذه المعايير قد توجد متكاملة مع بعضها في تحديد المنطقة الحضرية . كما أن المعيار الواحد في حد ذاته لايمكن أخذه بصورة قاطعة في كل الحالات فإذا نظرنا الي معياري ازدياد السكان في وحدة إدارية معينة نجد ان هذا المعيار يختلف من منطقة لاخري فالدنمارك(1) مثلاً تحدد المنطقة الحضرية بالمنطقة التي لا يتجاوز عدد سكانها عن 250 الف نسمة، أما في كوريا فالمنطقة الحضرية تستلزم وجود مالايقل عن 250 ألف نسمة تعتبر تعتبر منطقة حضرية نجد أن مجتمع الدراسة ينطبق علي هذا المعيار حيث يبلغ عدد سكان شمبات حوالي 26.245 نسمة أما إذا أخذنا المعيار الضريبي فنجد أن الضرائب أصبحت ضرائب عقارية ولم تعد تؤخذ علي الأرض الزراعية (والتي يعتمر بها الريف ).
وإذا أخذنا التصنيف الذي وضعه كل من سوركن وزحرمان واعتبارهما للمهنة كأساس للتميز بين الريف والحضر ووجود إختلاف أخري بجانب المهنة كالبيئة وحجم المجتمع وكثافة السكان وتجانس ولاتجانس السكان ...الخ نجد أن مجتمع شمبات قد كان
ملخص:
هدفت هذه الدراسة للكشف عن أبعاد ظاهرة التغير الاجتماعي الثقافي في البيئة الحضرية متخذة من مجتمع شمبات القديمة وامتدادها مجالاً للدراسة ومن الأسرة وعناصرها وحدة لتحليل العلاقات بين بعض المتغيرات التي تعد عواملاً لأحداث التغير الاجتماعي الثقافي مثل الاقتصاد والتعليم والهجرة ووسائل الاتصال.
استخدم منهج دراسة الحالة كمنهج رئيس في الدراسة مع الاستعانة بكل من المنهج المقارن والمدخل التاريخي ؛ فطبيعة الدراسة تتطلب المقارنة في احد جوانبها كما انه لابد من تتبع الظاهرة تاريخياً منذ عهد الفونج والي الآن (حيث أن مجتمع الدراسة في عهد الفونج كان إحدى القرى المحيطة بالعاصمة آنذاك وهي حلفاية الملوك) .
اتخذت الدراسة من النظرية البنائية الوظيفية ونظريات التحضر إطارا نظرياً تنطلق منه كما اعتمدت على الدراسة الميدانية واستخدمت كل من الملاحظة والمقابلة والاستبيان كأساليب لجمع البيانات.
وقد تمت الخطوات الإجرائية في المنهج على النحو التالي:
1- تحديد مجتمع الدراسة:-
أ- المجال البشري: ويتمثل في منطقة شمبات القديمة وامتدادها وذلك بالتعرف علي الخصائص العامة للسكان وحجم المجتمع والاستفادة من الإحصائيات والدراسات السابقة.
ب- المجال الزمني: حيث بدأ بتتبع الظاهرة عبر الأجيال منذ عهد الفونج وحتى الآن وقد اختير([1])عهد الفونج بالتحديد لأنه العهد الذي وصفت فيه منطقة الحلفايا بأنها مدينة وما لبثت أن أصبحت عاصمة للعبدلاب ولفظة الحلفايا كانت تطلق علي اقليم كبير يشمل شمبات وما جاورها من قري .
2- اختيار العينة:
تم اختيار عينة عشوائية طبقية من حجم المجتمع الكلي وهو 6732 أسرة حيث اتخذت الأسرة كوحدة للتحليل وقد بلغ حجم عينة الدراسة 339 أسرة تمثل 5% من الحجم الكلي على حسب التوزيع الجغرافي والسكاني من الأحياء التالية: شمبات الجنوبية، شمبات الغربية، شمبات الشمالية، الهجرة والزراعة، وامتداد شمبات.
3- وسائل جمع المعلومات :-
أ- الملاحظة المباشرة وذلك بملاحظة الأحداث والمواقف الاجتماعية لمعرفة سلوك أفراد المجتمع إذا كان مثلاً يعبر عن درجة من التفاعل الاجتماعي التي تؤدي إلى تجانس وتماسك أفراد المجتمع كالتعاون في المواقف المهمة رغم اختلاف السحنات والأعراق مثلاً وهل هنالك تعبير عن روح الجماعة أم الروح الفردية هي السمة السائدة، كما تمت الاستعانة بالملاحظة الغير مباشرة اي الاستعانة بملاحظات الآخرين التي قد تكون مفيدة.
ب- المقابلات الشخصية وذلك من خلال مقابلة بعض الأشخاص الذين لديهم اهتمامات ذات صلة بموضوع الدراسة والذين سبقت لهم محاولات في هذا الصدد مثلاً مقابلة عدد من إعلام المنطقة الذين شهدوا التغير الذي طرأ على مجتمع الدراسة.
جـ - الاستعانة بالاستبيان حيث تم تصميم استبيان مبدئي وتطبيقه بقصد اختبار مـدى صلاحيته ثم بعد ذلك أعيد تصميمه بصورة نهائية للحصول على المعـلومــات الدقيقة من عينة الدراسة والاستعــانة ببـعـض الأفــراد ذوي الـخبـرة فــي جمـع المعلومات عن طريق الاستبيان وقــد تم توزيعه على حسب التوزيع الجغرافـي والسكاني لأحياء شمبات القديمة وامتدادها وذلك مراعاة لضمان تغطية المجتمع تغطية شاملة فنجد أن في حي شمبات الجنوبية تم توزيع عدد 63 استبيان أي 63 أسرة (كجزء من العينة الكلية) وشمبات الشمالية 53 استبيان وهكذا.
وقد تمت الاستعانة بمجموعة من مساعدي الباحثين، حيث تم ملء الاستبيان بطريقيتن هما: بواسطة المبحوث نفسه أو عن طريق موزعي الاستبيان. وقد استغرق ذلك زهاء الشهرين.
وبعد ذلك تم توزيع عدد من الاستبيانات على العينة التي تم اختيارها في امتداد شمبات بنفس الطريقة حيث استغرق توزيعها وجمعها شهراً وقد روعي في التوزيع الأحياء التي انتقل إليها بعض سكان شمبات القديمة.
وبعد ذلك تمت مراجعة الاستبيانات وترميز الإجابات التي ليس لديها Code أو شفرة ثم بعد ذلك تم تفريغ وتحليل الاستبيان عن طريق الكمبيوتر بحيث تم الحصول على النسب المئوية للأسئلة أو المعلومات والتي مثلت الجانب التطبيقي من الدراسة ومن ثم تم الربط بين الجانبين النظري والتطبيقي بحيث ركزت الدراسة على مجموعة من المحاور من خلال تحليل العلاقة بين الأسرة وبعض المتغيرات علي النحو التالي:
أ- نمط الأسرة وما يرتبط به من عناصر مثل الزواج المفضل في شبكة العلاقات القرابية ونمط السكن و الاختيار للزواج Mate-Selection والسن الأفضل للزواج وحق المرأة في التعليم والزواج والعمل .
ب- ارتباط نمط الأسرة وعناصرها بمجموعة من المتغيرات كنمط النشاط الاقتصادي والتعليم والهجرة ووسائل الاتصال .
جـ- تأثير متغيرات كالإنتماء الديني والسياسي وقيام الروابط والجمعيات الطوعية علي الأسرة وعناصرها في ارتباطها بمتغيرات الاقتصاد والتعليم .
هذا وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج تمثلت في تعرض مجتمع الدراسة لظاهرة التغير الاجتماعي الثقافي من خلال عملية التحضر والتي بموجبها يمر المجتمع بمرحلة تحول من قرية إلى مدينة وذلك من خلال مجموعة من المتغيرات على النحو الآتي:
1- تغير نمط النشاط الاقتصادي من الزراعة كنشاط أساسي وتقليدي إلى نشاط اقتصادي حضري، حرفي ، مهني . وحدث تغير تبعاً لذلك في العناصر المرتبطة بالأسرة مثل الزواج المفضل ، معيار الاختيار للزواج وحق المرأة في التعليم والزواج والعمل وكذلك نمط السكن.
2- ارتفاع مستوى التعليم والوعي وارتباط ذلك بالتغير الذي طرا على نمط النشاط الاقتصادي وما نتج عنه من تغير في عناصر الأسرة .
3- مجتمع الدراسة يكون متصلاً ريفيا حضريا يمثل طرفية كل من شمبات القديمة وامتداد شمبات.
4- اختفاء ( الخلوة) كمكان للممارسة الدينية ووسيلة تعليمية تقليدية كما أن ضعف الانتماء للطرق الصوفية يعد مؤشراً لمرور مجتمع الدراسة بمرحلة تحول من مجتمع ريفي إلى حضري.
5- أدت وسائل الاتصال إلى ضعف العلاقات الاجتماعية الأولية وان لم تستطع أن تحدث تغيرا في المجتمع بما تحمله من أفكار وثقافات، حيث أن المجتمع مازال محافظا ومتحفظا تجاه الجديد من الأفكار والثقافات فالمجتمع هنا يأخذ سمة المجتمع الريفي أكثر من الحضري .
6- ضعف الانتماء السياسي في مجتمع الدراسة يعد مؤشراً لأخذ مجتمع الدراسة سمة الحضرية.
7- انتشار الروابط والجمعيات الطوعية يعد مؤشراً لأخذ مجتمع الدراسة سمة المجتمع الحضري.
مقدمة:
والدراسة تحاول أن تقدم تحليلاً نظرياً لمظاهر التغير الاجتماعي الثقافي في شمبات القديمة والذي من نتائجه (أي التغير الاجتماعي الثقافي) حدوث عملية التحضر فشمبات القديمة تعبر عن تلك الظاهرة في مرورها بمرحلة تحول حضري من خلال عملية مستمرة في تحولها من قرية الي مدينة . فالحضرية تعد مؤشراً من المؤشرات الدالة علي حدوث التغير الاجتماعي الثقافي وفي نفس الوقت من العوامل المؤدية إليه فقد عرف التحضر(1) بأنه عملية ونتيجة في آن واحد فهو من عمليات التغير الاجتماعي، تتم عن طريق انتقال اهل الريف أو البادية الي المدينة وإقامتهم بمجتمعها المحلي أو هو عملية إعادة توزيع السكان من الريف الي المدينة والي المراكز الحضرية الأخري .
فالدراسة حاولت الربط بين الاطار النظري لها والمتمثل في أدبياتها وبين الجانب التطبيقي المتمثل في الدراسة الميدانية وذلك من خلاله محاولة التعرف الي أي مدي ينطبق مفهوم التحضر علي مجتمع الدراسة وكذلك الي أي يمكن أن تنطبق خصائص الحضرية علي مجتمع الدراسة بالإضافة الي مناقشة معايير مثل معيار ازدياد السكان والمعيار الضريبي والمهنة وحجم المجمتع المحلي وتجانس ولاتجانس السكان التباين وتدرج الاجتماعي وظاهرة التنقل المكانية والمهنية ونسق التفاعل كخصائص للمنطقة الحضرية بدارسات علم الاجتماع الحضري . كما حاولت الدارسة معرفة الي أي مدي تتوفر سمات المجتمع الحضري في مجتمع الدراسة .
وكل ذلك تم من خلال تطبيق نظريات علم الاجتماع الحضري مثل نظرية لويس ويرث عن الحضرية كطريقة للحياة ونظرية روبرت رد فيلد عن المتصل الريفي الحضري علي مجتمع الدراسة - (خاصة وأن الدراسة افترضت أن مجتمع شمبات يمثل متصلاً ريفياً حضرياً)- . ونظرية كل من بارك وبيرجس عن ايكولوجية المدينة علي مجتمع الدراسة لمعرفة الي أي مدي ينطبق ما جاء في تلك النظريات علي مجتمع الدارسة ، كما تناول المقال متغيرات كل من الزواج والنشاط الاقتصادي والتعليم والهجرة ووسائل الاتصال والانتماء الديني والسياسي وظهور منظمات المجتمع المدني كعوامل للتغير الاجتماعي الثقافي ومدي ارتباطها بواقع الدراسة.
التغيـر الاجتمـاعي الثقـافـي.
الدراسة تعرضت لمفهومي التغير الاجتماعي والثقافي كمفهومين مرتبطين ببعضهما بل ومتداخلين بدرجة لا يمكن معها الفصل بينهما خاصةً وأن البعض يعتبر أن التغير الاجتماعي جزء من التغير الثقافي والبناء الاجتماعي هو الذي يتعرض لهذا التغيير اجتماعياً كان أم ثقافياً وبما أن البناء الاجتماعي عبارة عن كل متكامل فإن أي تغيير يحدث في أي جزء من أجزائه يؤثر على بقية الأجزاء وذلك يعني أن التغير الاجتماعي يقود إلى تغير ثقافي كما أن التغير الثقافي يحمل تغير اجتماعي، إذاً فالمفهومان مرتبطان ارتباطاً وثيقاً لذا فالدراسة هنا تأخذهما كمفهومين مترابطين بالرغم من اختلاف المناهج والنظريات التي تعالج كل منهما.
وبما أن البناء الاجتماعي هو المسرح الذي تجرى عليه أي تغيرات تطرأ على المجتمع فلابد من التعرض له كمدخل لدراسة التغير الاجتماعي والثقافي والتصور البسيط للتغير الاجتماعي(1) هو ذلك القالب الذي ينصب فيه كيان المجتمع بتكويناته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وقد لفت مفهوم البناء الاجتماعي العلماء الأوائل في علم الاجتماع فنجد أن أوجست كومت قد استخدم مفهوم الاستقرار الاجتماعي Social Static في مقابل مفهوم الحركةالاجتماعية Social Dynamic حيث أصبح مفهوم الاستقرار الاجتماعي يعبر عنه بعد ذلك بالبناء الاجتماعي كما أن دوركايم استخدم نفس الفكرة في مفهوم التركيبات المورفولوجية بل وأن الفكرة تمتد إلى منتصف القرن الثامن عشر حيث تحدث مونتسكيو عن أن كل مظاهر الحياة الاجتماعية تؤلف لنا وحدة متماسكة منسجمة رغم ما بينها من تفاوت واختلاف وأن هنالك علاقات تساند واعتماد متبادلين بين هذه المظاهر المختلفة ففي كتابه (روح القوانين) 1748 يبين لنا أنه لا يمكن فهم القانون الدولي أو الدستوري أو الجنائي أو المدني في أي مجتمع من المجتمعات إلا في ضوء علاقتها كلها بالتركيب السياسي والحياة الاقتصادية والدين والمناخ وحجم السكان والعادات وقواعد العرف بل وفي أمزجة الناس.
وقد ظهر المفهوم بوضوح وبشكل علمي(1) في كتابات العالم البريطاني هربرت سبنسر في حديثه عن المماثلة العضوية التي يماثل فيها بين المجتمع والكائن الحي وقد ساعدت هذه المماثلة في إبراز فكرتي البناء والوظيفة فقد كان سبنسر يؤكد ضرورة وجود التساند الوظيفي والاعتماد المتبادل بين نظم المجتمع في كل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي وأن الغاية التي يهدف إليها هي إيجاد حالة من التوازن تساعد المجتمع على الاستمرار في الوجود.
وكل هذا يعبر عنه التغير في نظم المجتمع (اقتصادية، دينية، سياسية.. الخ) وقد يكون هذا التغير تطوري أو تقدمي أو إلي الخلف والمماثلة التي أقامها هربرت سبنسر بين المجتمع والكائن الحي لعبت دوراً كبيراً في إمكانية تصور مفهوم البناء الاجتماعي، فالكائن العضوي الحيواني هو مجموعة من الخلايا والسائل بين الأنسجة الخلوية مرتبة بالنسبة لبعضها البعض كنسق متكامل من الجزئيات المركبة، ونظام العلاقات الذي يربط بين هذه الوحدات هو ما يسمى بالبناء العضوي. ويحتفظ الكائن العضوي على مدى حياته باستمرار معين للبناء بالرغم من أنه لا يحتفظ بمطابقة كاملة للأجزاء المشكلة له فهو يفقد بعض جزئياته المقدمة بالنفي والإفراز ويكتسب أخرى بالتنفس وعملية الامتصاص الغذائي، لكن الترتيب البنائي لوحداته المكونة له يبقى متماثلاً. والعملية التي يعبر عنها باستمرار البناء للكائن العضوي تسمى الحياة والتي تتكون من أنشطة وتفاعلات الوحدات المكونة للكائن العضوي تفهم على أنها الأداء الوظيفي لبنائه.
وعلى هذا إذا انتقلنا من الحياة العضوية إلى الحياة الاجتماعية ودرسنا مجتمعاً محلياً مثل قبيلة أفريقية أو أسترالية فإننا نستطيع التعرف على البناء الاجتماعي لها أو أن أفرادها هم الوحدات الأساسية في هذا البناء مرتبطون بواسطة مجموعة محددة من العلاقات الاجتماعية في كل متكامل. واستمرار البناء لا ينقطع بالتغيرات في الوحدات حيث أن أفرادها قد يتركون المجتمع بالموت وأن آخرين قد يدخلون فيه. ويحافظ على استمرار البناء بواسطة عملية الحياة الاجتماعية التي تتكون من الأنشطة والتفاعلات لأفراد الأسر والجماعات المنظمة التي يندمجون فيها وتعرف والحياة الاجتماعية فكرة احتواء البناء على مجموعة من العلاقات بين كيانات متحدة، واستمرار البناء يتم بالحفاظ في نظم المجتمع (اقتصادية، سياسية، دينية) وقد يكون هذا التغير تطوري أو تقدمي أو تغير للخلف. وقد وصلت الفكرة إلى زروتها في تفكير العالم اميل دوركايم في معالجته لموضوع الحقائق الاجتماعية Social Facts والتي تمتاز بعموميتها وقدرتها على الانتقال من جيل لآخر وفرض سيطرتها على المجتمع.
وقد عرف رادكليف براون البناء الاجتماعي(1) بأنه شبكة العلاقات الاجتماعية العقلية التي تقوم بين سائر الأشخاص في المجتمع وقد اعتبر براون الأسرة وحدة أولية للبناء الاجتماعي إلا أن ايفانز برتشارد يختلف معه في أن الأسرة لا يمكن الاعتماد عليها كوحدة ثابتة بدرجة عالية من الثبات والتركيب والتي تتألف من مجموعة من الأشخاص يعتبرون أنفسهم وحدة قائمة بذاتها وترتبط بسائر العلاقات الأخرى في علاقات بنائية.
كما أن ايفانز برتشارد يختلف مع براون حول مفهوم البناء الاجتماعي فبروان يرى أن الأنساق الاجتماعية أنساق طبيعية يمكن معالجتها بتطبيق مناهج العلوم الإنسانية باعتبارها فرعاً من الطبيعيات في حين أن ايفانزبرتشارد يرى أن الأنساق باعتبارها فرعاً من الأنسانيات. إذاً فالبناء الاجتماعي عبارة عن فرع بين مجردات Aconsistency of Abstractions .
كما أن مفهوم الثقافة يعتبر أحد المفاهيم التي ترتكز عليها الدراسة فبما انه تم تناول البناء الاجتماعي الذي تجري عليه عملية التغير الاجتماعي فلابد من التعرض لمفهوم الثقافة كجزء من هذا البناء.
فقد عرفت الثقافة بأنها ذلك الكل المتكامل الذي يشتمل على الأدوات وسلع المستهلكين والقواعد القانونية لكافة الجماعات الاجتماعية والأفكار والحرف الإنسانية والمعتقدات والأعراف وسواء كانت الثقافة بسيطة جداً أي بدائية أو على أعلى درجة من التعقيد والتطور فإنها تعتبر مادية في جانب منها وإنسانية في جانب ثان وروحية من جانب ثالث يكون الإنسان بواسطتها متمكناً من التغلب على المشكلات الملموسة التي تواجهه حيث أن هذه المشكلات تظهر كنتيجة طبيعية لإشباع حاجات الإنسان العضوية المختلفة وأنه يعيش في بيئة تعتبر أفضل صديق له لأنها تمده بالمواد الخام اللازمة لحياته كما أنها تعد أخطر عدو له لما تنطوي عليه من قوى معادية كثيرة.
واعتماداً على هذا التعريف ذهب مالينوفسكي(1) إلى القول بأن نظرية الثقافة تبنى على حقيقة بيولوجية فالكائنات البشرية هي أساس أجناس حيوانية أي أنها عرضة لظروف أولية ينبغي أن تشبع من أجل المحافظة على بقاء النوع واستمراره ، كذلك فإن الإنسان يخلق أثناء قيامه بعمل الأشياء المصنوعة من خلال قدرته على إنتاجها بيئة ثانوية.
وقد عرف رالف لينتون لثقافة بأنها كل ما صنعه أي شعب من الشعوب أوجد لنفسه من مصنوعات يدوية ومحرمات ونظم اجتماعية سائدة وأدوات ومعاول وأسلوب للتعبير فهي باختصار كل ما صنعه الإنسان أينما وجد.
وعرفها جيمس داون (1) بأنها مجموعة من الرموز المشتركة بين جماعة من الناس وينقلونها للأجيال القادمة ، وعموماً تتكون الثقافة من عناصر أساسية يمكن إجمالها في الآتي:
أ- المعايير أو أنماط السلوك:
وهي قواعد وأنماط للسلوك تحدد ما هو متوقع أو صواب أو مناسب لموقف من المواقف وهي موجهات للشخص بما ينبغي أن يفكر فيه ليفعله أو يشعر به وتفرضها الجزاءات أو المكافآت للسلوك الصحيح والعقوبات للسلوك الخاطئ فالمعايير هي أنماط رسالية في عقول المشاركين في أي ثقافة بمعنى قد لا تتحقق في أرض الواقع بصفة قاطعة والمعايير تنقسم إلى:
1- الطرق الشعبية والتي هي استعمالات تحكم كل الاتصالات اليومية الروتينية التي تقوم
بيننا وبين الآخرين فهي تحدد ما هو صحيح اجتماعياً وينفذ بصورة غير رسمية.
2- قواعد العرف وهي معايير حيوية لوجود الجماعة وهي إجبارية وملزمة والجزاءات التي تنفذها لصاحبها ذات مضمون عاطفي قوي وهي تحدد الصواب والخطأ في المجتمع ويتم التعبير عنها في صورة (ينبغي أن تفعل هذا السلوك) وهي في هذه الحالة تسمى محرمات (Taboos) ففي ثقافتنا هنالك عدة محرمات منها القتل والسرقة والخيانة وشرب الخمر والزنا.
ب - المعرفة والمعتقدات والقيم:
تعتمد المعايير على ما يعرفه الناس ويعتقدون فيه ويضيفون عليه قيمة معينة، فالمعرفة والمعتقدات تنقل إلى الأعضاء الجدد في المجتمع بالطريقتين الرسمية وغير الرسمية على السواء يقوم بها الآباء والزملاء والمدرسون ورجال الدين عن طريق التعليم الديني والدنيوي فالقيمة قد تكون واضحة أو متضمنة. والقيمة تنطوي على المعايير أو المبادئ التي يتم بواسطتها اختيار الأهداف الفردية والاجتماعية وهي وسيلة الحكم على الأهداف وهي تحدد ما هو مرغوب ومهم وجديد. وهي تفسر السلوك وتبرره وتتفاوت القيم من حيث الأهمية فهنالك قيم أساسية وهي التي تحدد الأهداف الرئيسية للمجتمع أو الجماعة.
جـ - الأشياء ومعانيها:
نجد أن الثقافة نمت(1) وازدهرت عندما استخدم الإنسان صناعة الأشياء فنحن نعيش وتحيط بنا ثقافة مادية – الآلة، الكنبة، المصباح الكهربائي، الورق، القلم، الكرسي، المنزل وهذه كلها أشياء مادية صنعها الإنسان وهي تحمل معاني بالنسبة له ولكن معنى بعضها قد لا يدركه شعب آخر له ثقافة أخرى مغايرة والأشياء مثل الأفعال جزء من الثقافة ولكل منها معنى ثقافي مشترك بين الناس عن صورها واستعمالاتها وأغراضها فمثلاً مفهوم الملكية في كل ثقافة يتضمن معايير تتعلق بحيازة الأشياء والحصول عليها وتقديمها للآخرين فالمعايير الثقافية والمعرفة بما في ذلك المهارات تحدد طريقة صنع الأشياء واستخداماتها في حين أن المعتقدات والقيم الثقافية تطغي على الأشياء معنىً. ولا نستطيع أن نتصور أي ثقافة دون عناصرها المميزة لها.
ومن هذا الاستعراض لمضمون البناء الاجتماعي ومفهوم الثقافة تظهر لنا العلاقة الوثيقة بين مفهومي التغير الاجتماعي والثقافي. فإذا سلمنا بأن من أهم الشروط لحدوث التغير الاجتماعي تراكم السمات الاجتماعية والثقافية التي ترتبط ببعضها مكونة خبرات اجتماعية وثقافية جديدة فإن ذلك يجعلنا ندرك صعوبة الفصل بين مفهومي التغير الاجتماعي والثقافي فهما ينبثقان من المجتمع والثقافة اللذان يمثلان وجهان لعملة واحدة فالدراسة تقوم علي دراسة المفهومين دراسة كلية وليست جزئية فهي لا تدرس مظاهر التغير الاجتماعي أو الثقافي منفردة وإنما تدرسهما كظواهر متحدة.
التغيــر الاجـتمـاعي:
إن التغير الاجتماعي صفة لازمة لكل المجتمعات الإنسانية وقد تنبه المفكرون منذ القدم إلى ظاهرة التغير الاجتماعي واعتبرها بعضهم حقيقة الوجود أي أن كل موجود لابد أن يتغير بمعنى أن التغير لا الثبات هو الدال على وجود الموجود وقد عبر عن هذه الفكرة المفكر اليوناني هر قليطي في مقولته أن الفرد لا يستطيع أن يقول: أن أعبر النهر مرتين على اعتبار أن ذرات الماء التي لامست جسمه في المرة الأولى غيرها في المرة الثانية كما أن الشخص نفسه قد يتغير (مثلاً مزاجه، تكوينه الفسيولوجي) والتغير أكثر حركة وسرعة في مجتمع الحضر عنه في مجتمع الريف وقد يعود السبب في ذلك إلى قوة وسيطرة الضبط الاجتماعي في الريف عنه في الحضر فسكان الحضر أكثر استجابة للتغير الذي يطرأ على القيم والعادات والتقاليد من سكان الريف.
وقد عرف التغير الاجتماعي(1) بأنه تلك التحولات والتبدلات التي تحدث في التنظيم الاجتماعي أي التي تحدث في البناء الاجتماعي وفي وظائف هذا البناء المتعددة وهنا ينظر للتغير الاجتماعي على أنه جزء من موضوع أوسع وهو التغير الثقافي والذي يشمل كل التغيرات التي تحدث في كل فروع الثقافة بما في ذلك الفنون والعلوم والتكنولوجيا بالإضافة إلى تلك التغيرات التي تحدث في قواعد التنظيم الاجتماعي أساساً، ويقصد بتغير النظام الاجتماعي التغير في صور التنظيم والأدوار ومضمون الأدوار فالتغير مثلاً من نظام تعدد الزوجات إلى نظام وحدانية الزوج والزوجة من أمثلة التغيرات التي تطرأ في نظام المجتمع كما هنالك التغيرات التي تحدث في مراكز الأشخاص حيث يقومون بأدوار جديدة في النسق الاجتماعي.
كما عرف التغير بأنه الاختلاف ما بين الحالة الجديدة والحالة القديمة أو اختلاف الشيء عما كان عليه في فترة محددة من الزمن وحينما تضاف كلمة الاجتماعي التي تعني ما يتعلق بالمجتمع فيصبح التغير الاجتماعي هو ذلك التغير الذي يطرأ بداخل المجتمع أو التبدل أو التحول الذي يطرأ على جوانب المجتمع. وبمعنى آخر هو التحول الذي يطرأ على البناء الاجتماعي في فترة محددة من الزمن.
غير أن كل تغير يطرأ على المجتمع ليس هو تغيراً اجتماعياً فمثلاً ظاهرة الانتخابات هي ظاهرة عابرة أو وقتية (حادثة) وكذلك حالة الحريق والتجمعات والأحزاب … وهكذا، ولكي يتم التمييز بين التغير الاجتماعي وبين غيره من التغيرات فقد ذهب جي روش إلى أن للتغير الاجتماعي أربعة صفات هي:
1- التغير الاجتماعي ظاهرة عامة وتوجد عند أفراد عديدين وتؤثر في أسلوب حياتهم وأفكارهم.
2- التغير الاجتماعي يصيب البناء الاجتماعي ويؤثر في هيكل النظام الاجتماعي في الكل أو الجزء فالتغير الاجتماعي المقصود هنا هو التغير الذي يحدث أثراً عميقاً في المجتمع وهو التغير الذي يطرأ على المؤسسات الاجتماعية كالتغير الذي يطرأ على بناء الأسرة وعلى النظام الاقتصادي والسياسي وما إلى ذلك.
3- التغير الاجتماعي يكون محدداً بالزمن مبتدئاً بفترة زمنية ومنتهياً بفترة زمنية أخرى من أجل مقارنة الحالة الماضية بالحالة الراهنة من أجل الوقوف على مدى التغير ولا يتأتى إدراك ذلك إلا بالوقوف على الحالة السابقة أي أن قياس التغير يكون انطلاقاً من نقطة مرجعية في الماضي.
4- يتصف التغير بالديمومة والاستمرارية وذلك يمكن من إدراك التغير والوقوف على أبعاده أما التغير الذي ينتهي بسهولة فلا يمكن فهمه.
إذاً فالتغير الاجتماعي هو كل تحول في البناء الاجتماعي يلاحظ في الزمن ولا يكون مؤقتاً سريع الزوال لدى فئات واسعة من المجتمع ويغير مسار حياتها. وقد تعرض كل من جيرث وملز إلى ماهية التغير الاجتماعي(1) حيث يعتبران التغير الاجتماعي هو التحول الذي يطرأ على الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها الأفراد وكل ما يطرأ على النظم الاجتماعية وقواعد الضبط الاجتماعي التي يتضمنها البناء في مدة معينة من الزمن.
وقد كان موضوع التغير الاجتماعي في وقت ما مشكله من أهم وأصعب المشاكل في علم الاجتماع فقد حاول أوجست كومت وبعض علماء القرن التاسع عشر تحديد أهم العوامل المؤدية للتغير الاجتماعي واتجاهاته ، خاصةً بعد النتائج التي طرحتها الثورة السياسية في فرنسا والثورة الصناعية في بريطانيا وأصبح البحث عن نظرية للتغير الاجتماعي أو الديناميت الاجتماعية التي تكشف عن قوانين الحركة والتغير في المجتمعات تمثل النقاط الجوهرية في مجال علم الاجتماع في القرن التاسع عشر. كما كان لظهور المجتمع الرأسمالي والحركات الثورية الاجتماعية التي صاحبته في ذلك الوقت بما في ذلك النمو الحضري وتطور الاتجاه الصناعي هنا وتشكل الأفكار والجماعات الدور الأكبر في اهتمام التحليل السوسيولوجي لظاهرة التغير.
عوامل التغير الاجتماعي والثقافي:
الدراسة ركزت على العوامل المؤدية لحدوث التغير الاجتماعي الثقافي على اعتبار أن هذه العوامل متداخلة وليست ثابتة وتختلف باختلاف المجتمعات والظروف المحيطة بها بل وقد يضعف تأثيرها في مجتمع ما في وقت ما بينما تقوى في وقت آخر في نفس المجتمع. فقد تلعب العوامل الطبيعية دوراً في إحداث التغير الاجتماعي في إحدى المجتمعات بينما يضعف تأثيرها أو يختفي تماماً في مجتمع آخر وقد يلعب العامل الاقتصادي الدور الأكبر في إحداث التغير في مجتمع ما بينما يبرز العامل السياسي لإحداث التغير في مجتمع آخر… وهكذا.
هذا مع ملاحظة أن تأثير هذه العوامل يتم بصورة تكاملية وليست جزئية أي أن التغير الذي يطرأ على المجتمع إنما هو تغير يطرأ على البناء الاجتماعي بسبب عوامل اقتصادية مثلاً ولكن ذلك لا يعني أنها (أي العوامل الاقتصادية) هي العامل الأوحد في إحداث التغير وإنما تتداخل معها عوامل أخرى بحسب طبيعة المجتمع الثقافية ونظمه الاجتماعية فاستجابة المجتمع مثلاً لكارثة طبيعية لا يتحدد مباشرة بنوع الكارثة وإنما نتيجة للظروف التي ذكرت مجتمعة.
وعوامل التغير الاجتماعي قد توجد في داخل البناء الاجتماعي(1) كما توجد خارجة وهناك فكرة محورية في إحداث التغير وهي فكرة صراع الأدوارحيث أن الصراع عملية إجتماعية تحدث نتيجة للتفاعل بين أفراد المجتمع ويعبر عن هذا التفاعل ما يسميها العلاقات إلاجتماعية التي تأخذ صورة صراع او تعاون أو تنافس فالصراع الذي يعيشه الفرد جراء اختلاف الأدوار التي يقوم بها يقود إلى إحداث التغير، فتحديد المجتمع لدور الأم لا يتفق مع تحديد نفس المجتمع لدور المرأة العاملة فعندما يتكرر الصراع والتوترات الناجمة عن صراع هذين الدورين فمن المؤكد أنه يحدث تغير في الموقف يتطلب أن تتعدل قواعد هذا الدور أو ذاك بناءً على ذلك. وصراع الأدوار لا يقف عند صراع الفرد مع نفسه بل يتعدى ذلك إلى صراع المصالح في المجتمع وعلى كافة المستويات وعلى مستوى أصغر وحدة في المجتمع وهي الأسرة التي تحدث صراعات بين مصالح أعضائها والصراع يحدث كذلك في الجماعات الأولية بين الأسر المختلفة داخل القبيلة أو القرية أو في جماعة الجوار وبين الشلل المختلفة داخل جماعة الفنانين أو العلماء وبين جماعات العمل في أحد المصانع أو المؤسسات بل وعلى مستوى الجماعات الأكبر وهي الدولة حيث نجد صراع المصالح السياسية التي تهدف دائماً إلى إحداث تغيرات سواء داخل الإطار التقليدي أو عن طريق تغيير المعايير المعمول بها في الدولة غير أنه ليس من المحتم دائماً أن تقف جماعات المصالح في صراع مباشر ضد بعضها فالمصالح قد تكون اقتصادية أو أيدلوجية أو سياسية أو متنوعة.
وقد أخذ كل من الزواج والتعليم والوعي والهجرة والعامل الاقتصادي والديموقرافي والديني والسياسي ووسائل الاتصال وظهور الروابط والجمعيات الطوعية كعوامل أو كمؤشرات استدل من خلالها على حدوث تغير اجتماعي ثقافي تمثل في تعرض منطقة شمبات القديمة لتحول تدريجي من قرية إلى مدينة وهذا يعبر عن الفكرة التي تعرف الحضرية بأنها من المؤشرات الدالة على التغير الاجتماعي، وقد أخذت عوامل التغير الاجتماعي هذه في نفس الوقت كمؤشرات نوقشت في ثنايا الحديث عن مظاهر التحضر في مجتمع الدراسة.
النظريات التي تعالج مفهوم التحضر:
نجد ان(1) من الذين أثروا الدراسات الحضرية ماكس فيبر وبالرغم من أنه طور نموذجاً مثالياً لايوجد في الواقع الا انه طور تعريفاً للمجتمع الحضري تضمنت عناصره ضرورة سيطرة العلاقات التجارية وتوافر عدد من الشروط الاساسية مثل وجود الحصن والسوق والمحكمة والاستقلال الذاتي ولعل هذا يعبر عن نظرية ويرث عن الحضرية كطريقة للحياة والتي صاغها لاحقاً .
ومجتمع الدراسة ليس بعيداً عن هذه العناصر التي ذكرها فيبر في تعريفه فهو مجتمع أصبحت علاقات التجارة والمصالح الاقتصادية القائمة علي التنوع المهني هي المسيطرة كما أن الاستقلال الذاتي المبني علي الاستقلال الاقتصادي أصبح يميز ساكن شمبات كما نجد أن نظام السوق يلعب دوره في إقتصاديات المجتمع .
وقد أحدثت مدرسة شيكاغو تطوراً ملحوظاً في مجال الدراسات الحضرية وذلك بفضل اعمال ويرث ، بارك ، وارنت بيرجس وروبرت رد فليلد .
فقد وصف بيرجس المدينة التجارية بانها بناءاً تجارياً وادي وجود السوق فيه وتطوره الي انهيار الطرق التقليدية للحياة واستبدالها بأخري تقوم علي المصالح والوظيفة والمهنة كما تحل البيروقراطية محل الترتيبات غير الرسمية في حياة الافراد فإدارات الشرطة والمحاكم ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والتنظيمات السياسية وتزايد السكان وتطويرهم وحلت وسائل الاتصال الجماهيرية الرسمية محل شبكة الاتصال الشفوي .
ومجتمع الدراسة ليس بعيداً عن تصور بارك فتغير نمط النشاط الاقتصادي وقيام نظام السوق ادي الي إنهيار الطرق التقليدية للحياة والتي كانت مرتبطة بالارض والزراعة فقط حيث كانت مسألة التسويق فيها تتم في حدود ضيقة لاتتعدي فائض الانتاج الذي كان بغرض الاستهلاك الذاتي اما الآن فيوجد في مجتمع الدراسة سوق داخلي خاص بالمجتمع (وهو سوق العرب) ومع ذلك فالعلاقات داخل السوق ليست قاصرة علي افراد المجتمع فالبائعين هم من سكان شمبات ومن الاحياء المجاورة بينما المشترين كلهم من سكان شمبات . فالعلاقات بينهم علاقات تجارية تختفي فيها علاقات الوجه للوجه. كما يوجد بشمبات سوق كبير وهو (السوق المركزي) فهو سوق عام يخدم سكان شمبات ومنطقة بحري كلها والعلاقات فيه علاقات تجارية بحتة كما يلحق بالسوق خدمات بنكيه متمثلة في البنك الزراعي السوداني وبنك المزارع التجاري .
وفي شمبات نجد المؤسسات الاجتماعية الرسمية كالروضة والمدرسة واللجنة الشعبية ومكتب وحدة شمبات الذي يقوم خدمات متمثلة في تحصيل ( العوائد ) وهي الضرائب علي خدمات المياه وعلي المنازل وكذلك حل اشكالات إمتلاك الاراضي كما نجد مراكز بسط الامن الشامل التي تعمل علي حفظ الامن وتحد من حدوث الجريمة وكذلك يحل أفراد المجتمع اشكالاتهم القضائية في المحاكم وتوجد دور الرعاية الاجتماعية مثل دور صحة الامومة والطفولة ومركز تنظيم الاسرة وكل هذا يعبر عن الترتيبات والرسائل الرسمية في الاتصال الجماهيري.
أما التصور الذي وضعه كل من بارك وبيرجس والمتمثل في نظريات(1) النطاق المكاني المركزي فإن مجتمع الدراسة لاينطبق عليه التقسيم الذي وصفه بيرجس الا في حالة النظر اليه ( أي مجتمع الدراسة ) في نطاق أكبر وعبر نطاق العاصمة الخرطوم ، حيث أن تحليل بيرجس لنمط استخدام الارض علي أنه محصلة نهائية لعملية معقدة يحدث من خلالها ميل المدينة للتوسع والاحتلال الأمر الذي يدفع بالمناطق الداخلية الي غزو المناطق التي تحيط بها ومن ثم يحدث نوع من التوسع فالغزو التعاقب وهو أمراً يكاد ينطبق علي مجتمع شمبات حيث نمط استخدام الأرض لم يعد للزراعة وإنما أصبح بغرض السكن والاستثمار وذلك أدي إلي اتساع المدينة وإمتدادها من الجهة الشرقية حيث ظهر إمتداد شمبات كإمتداد لها .
واما بالنسبة لنظرية ويرث عن الحضرية كطريقة للحياة فالمدينة عنده عبارة عن وحدة عمرانية كبيرة نسبياً تتميز بالكثافة السكانية وهي مقر دائم لافراد غير متجانسين سيكولوجي وسوسيلوجي اما علي المستوي السيكولوجي فإن حياة المدينة تتطلب استجابة مختلفة من الافراد كما ان التوافق مسألة ضرورية للحفاظ علي الاتزان العقلي الذي يحرر ساكن الحفر من القيود التي كانت مفروضة عليهم وكذلك يحررهم من قيود الارتباط بغيرهم وبالتالي سكان المدينة منعزلين يتميزون بالجفاف والغلظة ويصاحب ذلك ضعف العلاقات ويتقاعل الافراد فرادي ممايؤدي الي ضعف تماسك المجتمع المحلي .
أما علي المستوي الاجتماعي فيسود التخصص وتقسيم العمل ويؤدي حجم وكثافة السكان الي قدر كبيرلا من تمايز المجتمع وضعف العلاقات الاجتماعية الناتج عن إختلاف الافراد عن بعضهم البعض في أعمالهم وأسلوب حياتهم بالدرجة التي يصير معها التطابق الاخلاقي مسألة صعبة.
واذا قارنا الناتج التي توصل اليها ويرث بأسلوب الحياة في مجتمع الدراسة نجد انها لا تنطبق بدرجة كاملة كما لاتستطيع أن ننفي إنطباقها في بعض الجوانب .
فإذا أخذنا الروابط السطحية والضعيفة التي تربط سكان المدينة ببعضهم والتي تكون سمة مرتبطة بنموها وبتأييد سكانها نجد أن مجتمع الدراسة ينطبق عليه الروابط والعلاقات القوية بين سكانه المتجانسين في المعتقدات واللغة والعادات والتقاليد ، غير أن نمو المدينة من خلال تزايد سكانها وكذلك تعتمد نمط الزواج والسكن المرتبطات بتغير نمط النشاط الاقتصادي يمكن من المتوقع بأن تصبح العلاقات الاجدتماعية أكثر ضعفاً.
ومن النتائج التي توصل اليها ويرث ارتباط التخصص وتقسيم العمل بنوع العلاقات التي يمكن استخدامها لتحقيق أهداف معينة حيث تسيطر الشركات والمؤسسات علي حياة الافراد وعلي نوع الوظائف التي يعملون بها وهذا يعني ان المدينة تفقد روح العائلة باستمرار لان تلك الشركات والمؤسسات لاتحتمل إنشاء علاقات المودة والمجاملة والعصبية التي تميز المجتمع الريفي . ومجتمع الدراسة اصبح يتجه للتخصص وتقسيم العمل . من خلال عمل أفراده في أنشطة اقتصادية مختلفة وبالتالي فالمجتمع يتجه نحو الاساليب النظامية وبالتالي الدخول في علاقات رسمية مما يؤدي الي ضعف العلاقات وإختفاء العصبية.
والاحتمال الذي وصفه ويرث بأن زيادة حجم المدينة يعرضها للامتداد خارج حدودها التقليدية مما يسهل معه إجتماع سكانها في مكان واحد وبالتالي الاعتماد علي الوسائل الغير مباشرة في الاتصال (أي العلاقات الاولية) يكاد ينطبق علي مجتمع الدراسة حيث أنه إمتد الي خارج حدوده التقليدية مما أدي الي ظهور إمتداد شمبات وبالتالي بدأ السكان في الانتقال الي الامتداد كما انه وفد الي الامتداد سكان من جهات اخري مما زاد درجة التباين بين السكان ومع ذلك فقد ظلت العلاقات قوية بين سكان شمبات القديمة وبين الذين رحلوا الي امتداد شمبات قوية بالرغم من عدم وجودهم في مكان واحد وهذا يعبر عنه أن ظاهرة التحضر في جوانبها المختلفة في المجتمع السوداني لا تخرج عن الاطار العام لظاهرة التحضر في الشرق الاوسط والتي لها سماتها وخصائها التي تميزها عن ظاهرة التحضر بصفة عامة وقد اختلفت الظروف والملابسات التي ادت الي نشاط الظاهرة فالمجتمع الحضري في الشرق الاوسط تسوده العلاقات القوية وذلك بسبب أن معظم سكان الحضر يعودون الي أصول ريفية حيث يسود طابع النشاط الاقتصادي الزراعي والرعوي والذي يتطلب العمل الجماعي وبالتالي سيادة الروح الجماعية والعلاقات القوية.
وأحد فروض الدراسة أن مجتمع الدراسة يمثل متصلاً ريفياً حضرياً، والافتراض ينطبق علي نظرية رد فيلد عن المتصل الريفي الحضري حيث أن فكرة المتصل(1) تقوم علي تصور أن أي خاصية للظاهرة تمثل درجة معينة وأن هنالك تقسيمات متدرجة من حجم وأهمية هذه الخاصية علي المستوي الامبريفي فالمتصل يعني وجود نوع من التدرج بين خصائص الريفية والحضرية . وإذا نظرنا الي مجتمع الدراسة فهو يقترب من فكرة المتصل التي وضعها فيلد وإن لم ينطبق عليه تماماً ذلك ان دراسة فيلد تقوم علي أربعة مجتمعات محلية بينما مجتمع الدراسة يقوم علي اثنين فقط هما شمبات القديمة وإمتداد شمبات حيث تمثل شمبات القديمة أحد طرفي المتصل وتمثل إمتداد شمبات طرفه الآخر وتتم تطبيق فكرة المتصل علي المجتمعين من خلال المقارنة بين بعض المتغيرات مثل الزواج المفضل وشبكة العلاقات القرابية ونمط الأسرة والسكن . والهجرة ووسائل الاتصال وبأخذ نمط الزواج المفضل من داخل وخارج الدائرة القرابية والأسرة القبيلة المؤثر لمعرفة قرب المجتمع من الحضرية أو الريفية.
فإذا نظرنا للزواج المفضل والسائد في نفس الوقت نجد أن المجتمعين يتشابهان في ذلك وإن كان ذلك التشابه ليس بالدرجة الكاملة فقد توصلت الدراسة الي أن كلا من المجتمعين يمارس الزواج الداخلي وهذا يعني أن المجتمع بشقيه يأخذ صفة الريفية ( فالزواج الداخلي من سمات المجتمع الريفي ) غير أن سكان إمتداد شمبات اكثر قبولاً للزواج الخارجي مما يوصي لنا بفكرة التدرج التي يقوم عليها المتصل .
كما ان فكرة التدرج التي احتوت عليها نظرية ردفيلد عن المتصل الريفي الحضري تتضح في موقف المجتمعين من القبيلة فقد تم التوصل الي ذلك من خلال قياس بعض المعايير ( معيار الافضلية ) أي أحساس الفرد بافضلية قبيلة علي القبائل الاخري و(معيار) الزواج المفضل من داخل او خارج القبيلة ومدي التداخل والانصهار بين القبائل).
ففي مجتمع شمبات القديمة لم يعد الفرد يشعر بذلك الانتماء القوي للقبيلة وان كان لم يلغيه تماماً كما ان اغلبية الزواج من داخل او خارج القبيلة ومدي التداخل والانصهار بين القبائل).
ففي مجتمع امتداد شمبات فالامر فيه يختلف إلي حد ما حيث نجد ان الانتماء للقبيلة في شمبات القديمة اكثر منها في امتداداها ؛ فقد قدرت الباحثة لك بان مجتمع ومتفرقة بالدرجة التي يقل فيها احساس الفرد بانتمائه للقبيلة كما ان موقف سكان الامتداد من الزواج اقوى من موقفهم من الزواج الداخل وهذا يؤكد اختفاء معيارالزواج من داخل القبيلة كمعيار للاختيار للزواج في المجتمع فالزواج من داخل القبيلة يبقى على وحدتها وتماسكها). اذن فالتدرج واضح من الريفية للحضرية مما يدعم فكرة المتصل في هذه الجانب .
واذا نظرنا الى نمط السكن الذي يرتبط بخط الاسرة حيث ان نمط السكن يؤثر في تحديد نمط الاسرة بدرجة كبيرة ونمط السائد في شمبات القديمة عبر نظام الحوش الذي يجمع مجموعة من الاسر الممتدة بينما يختفي هذا النمط في امتداد شمبات وبالتالي نجد في المجتمع الريفي بينما غير الحضري اذن هنا تبدو لنا فكرة التدرج من شمبات القديمة الى امتداد شمبات ففي شمبات القديمة في اسرة النووية هي الغالبة ولكن لا تختفي الاسرة الممتدة تماماً .
واذا اخذنا الهجرة الوافدة كعنصر فعال في تكوين سكان شمبات وكعامل يدخل على عوامل اخرى في ان تصنيف الاراضي السكنية في شمبات القديمة بالتالي ظهورامتداد كنتيجة لذلك كما أن نوعية المهاجرين قد لعبت دوراً في تكوين سكان شمبات القديمة وأخذها طابعاً مميزاً كمدينة تحمل صفات القرية فهم قد أتوا كمزارعين وطبيعة المنطقة زراعية مما ساعد المهاجرين علي ممارسة الزراعة كما انه وفد الي شمبات القديمة كثير من العمال الذين يعملون بالمنطقة الصناعية التي تقع شمبات القديمة في نطاقها ومع تقلص الزراعة كنشاط اقتصادي وظهور الاقتصاد متعدد الاوجه أخذ مجتمع الدراسة طابع المدينة حيث اصبح السكان يمارسون مهن مختلفة (حدادة ، نجارة عمل مهني) .
فمن خلال المقارنة بين شمبات القديمة وامتدادها فقد تعرض الامتداد لنفس الاسباب المؤدية للهجرة الى شمبات القديمة غير أن الظروف التي أدت الى تكوين سكان مجتمع شمبات القديمة تختلف عن تلك التي ادت الى تكوين سكان امتداد شمبات فمجتمع الامتداد يعتبر حديثا نسبيا من حيث النشاة والفترة الزمنية التي حدثت فيها الهجرة اليه فهي أقصرمن حيث النشأة والمدي الزمني الذي حدثت فيه الهجرة إليه فهو اقصر من المدي الزمني الذي حدثت فيه الهجرة الى شمبات القديمة فقد كان ذلك بتخطيط من الدولة حيث كانت المنطقة خالية تماما من السكان بينما نشأت شمبات القديمة كقرية أثرسكانها في المهاجرين اليها أكثر مما تأثروا بهم ، لذلك فأن نتيجة الهجرة إلي المجتمعين مختلفة فدور الهجرة إلي الامتداد لا يتعدي كونها مورداً الغير متجانسين والذين كونوا مجتمعاً حضرياً في النهاية ولم يصل إلي مرحلة الانصهار التي وصل اليها سكان شمبات القديمة الامر الذي جعل امتداد شمبات يبدو أكثر قرباً من الحضرية من حيث صفة عدم التجانس بين السكان وان مجتمع شمبات القديمة اكثر قربا من الريفية من حيث تجانس السكان وانصهارهم الذي تم عبر الزمن وهنا تبرز لنا فكرة المتصل مرة اخرى بالتدرج من التجانس الى اللاتجانس.
وفيما يتعلق بوسائل الاتصال باعتبارها وسيلة بديلة (للعلاقات الاولية) لتحقيق الاتصال وتنقل الافكار والثقافات تتيح فرصة اتساع نطاق البدائل الثقافية امام الفرد مما يؤدي الى تمتع الانماط السلوكية وصعوبة تحديدها وذلك ان مجتمع المدينة يتيح للفرد فرصا ارجى للاختيارحيث يقل هنا دور الضبط الاجتماعي او تخف حدته ، فقد تمت المقارنة بين مجتمعي الدراسة من حيث الدور الذي تلعبه وسائل الاتصال في العلاقات الاجتماعية.
ففي شمبات القديمة تم اخذ جهاز الهاتف كوسيلة بديلة للاتصال الذي كان بين مباشرة من خلال العلاقات الاولية التي تربط بين افراد الاسرة فقد اصبح جهازالهاتف يحل محل تلك العلاقات واصبح الفرد يستخدمه في اتصاله باسرته في بعض الاحوال بينما كان في السابق يتصل باسرته مباشرة في كل الاحوال وهذا في نظر الباحثة مؤشر لضعف العلاقات داخل الاسرة.
والمقارنة بين المجتمعين في هذا الجانب كانت نتيجتها انهما لا يختلفان كثيرا في ذلك فقد قلل جهاز الهاتف من الاتصال المباشر بين الاسر وبالتالي ضعفت العلاقات القوية التي كانت يتميز مجتمع شمبات القديمة عن وجه الخصوص وهنا يعبر كلا المجتمعين عن درجة من الحضرية حيث أن العلاقات الثانوية في طريقتها ان تحل محل العلاقات الاولية.
وبالنسبة لوسائل الاتصال الاخرى كالتلفزيون والقنوات الفضائية والاطباق الهوائية نجد ان موقف كلا المجتمعين ما زال محافظا ومتحفظا تجاهها فالمجتمع هنا يقترب من الريفية اكثر من الحضرية فالانسان الريفي دائما متحفظا تجاه الجديد ويتردد كثيرا قبل ان يقدم عليه.
اذا نخرج من كل هذا اننا لا نستطيع ان نصف مجتمع الدراسة انه حضرياً بدرجة كبيرة أو ريفياً بدرجة قليلة فالخصائص الذي يتميز بها مجتمع بشقيه متداخلة وليس هنالك حدود قاطعة تفصل بينهما وهذا ما تؤكده فكرة المتصل الريفي الحضري أي التدرج من خصائص كلا المجتمعين وحددتها بدرجات تقل في جوانب وتزيد في جوانب اخرى.
2- مفهوم التحضر:
ومن خلال الاستعراض الذي تم للنظريات التي تناقش مفهوم التحضر فقد حاولت الباحثة تطبيق ذلك علي مجتمع الدراسة فقد(1) عرف التحضر بأنه عملية تحول المناطق الريفية الي مناطق حضرية وتأثير هذه العملية علي التوزيع الاقتصادي للسكان حيث يتناقص عدد سكان الريف الي أدني حد وتكتسب المدن هذه الاعداد فتزداد بالتالي عدد سكانها الي عرف التحضر بأنه العملية التي بمقتضاها يتحول المجتمع الريفي الي مجتمع حضري أو تأخذ القرية طابع المدينة. وانه المجتمع الذي تحول نشاطه الاقتصادي من الزراعة الي أنشطة أخري كالتجارة والصناعة وغيرها من أوجه النشاط المتصلة بها (الحرف) .
وإذا حاولنا تطبيق ذلك علي مجتمع الدراسة فهو مجتمع تحول من قرية الي مدينة ، فالناظر الي تاريخ شمبات يجد أنها كانت عبارة عن إحدي القري المحيطة بالحلفاية التي كانت عاصمة للعبدلاب ثم تحولت عبر الزمن الي مدينة وقد ارتبط ذلك بعدة عوامل منها ازدياد عدد سكانها عن طريق الهجرة الداخلة الي المنطقة من مختلف انحاء السودان كما ان النشاط الاقتصادي قد تحرك من الزراعة التي كانت هي الحرفة الرئيسية الي نشاط إقتصادي متعدد الأوجه . حرف مهني ، صناعي . كذلك قربها من العاصمة ووجودها كأمتداد للخرطوم بحري ساهم في بروزها كمدينة .
وبالرغم من اختلاف المهتمين بالدراسات الحضرية حول المعيار الذي يكون اساساً لتحديد مايعرف بالتحضر الا ان هذه المعايير قد توجد متكاملة مع بعضها في تحديد المنطقة الحضرية . كما أن المعيار الواحد في حد ذاته لايمكن أخذه بصورة قاطعة في كل الحالات فإذا نظرنا الي معياري ازدياد السكان في وحدة إدارية معينة نجد ان هذا المعيار يختلف من منطقة لاخري فالدنمارك(1) مثلاً تحدد المنطقة الحضرية بالمنطقة التي لا يتجاوز عدد سكانها عن 250 الف نسمة، أما في كوريا فالمنطقة الحضرية تستلزم وجود مالايقل عن 250 ألف نسمة تعتبر تعتبر منطقة حضرية نجد أن مجتمع الدراسة ينطبق علي هذا المعيار حيث يبلغ عدد سكان شمبات حوالي 26.245 نسمة أما إذا أخذنا المعيار الضريبي فنجد أن الضرائب أصبحت ضرائب عقارية ولم تعد تؤخذ علي الأرض الزراعية (والتي يعتمر بها الريف ).
وإذا أخذنا التصنيف الذي وضعه كل من سوركن وزحرمان واعتبارهما للمهنة كأساس للتميز بين الريف والحضر ووجود إختلاف أخري بجانب المهنة كالبيئة وحجم المجتمع وكثافة السكان وتجانس ولاتجانس السكان ...الخ نجد أن مجتمع شمبات قد كان
منتدى علم الاجتماع مكناس :: السنة الثالثة في علم الاجتماع :: السنة الثالثة في علم الاجتماع :: السداسي السادس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين أغسطس 28, 2023 5:54 am من طرف sghiri
» نظرية النافذة المكسورة
الإثنين أغسطس 28, 2023 5:52 am من طرف sghiri
» تقرير عن ندوة المثقف و المجتمع بمكناس
الأربعاء نوفمبر 12, 2014 2:25 pm من طرف sumaya bakria
» الحكامة الأمنية
الثلاثاء أغسطس 12, 2014 5:02 pm من طرف sghiri
» ما السوسيولوجيا القروية؟
الإثنين فبراير 10, 2014 6:52 pm من طرف زائر
» أسئلة اختبارات علم الإجتماع .... من الفصل الأول إلى الرابع
الإثنين يناير 13, 2014 12:46 pm من طرف sghiri
» عرض في مادة انتروبولوجيا العالم الاسلامي 2009
الأربعاء ديسمبر 04, 2013 12:28 pm من طرف rachidov20
» موقع لتحميل الكتب في مجالات مختلفة
الثلاثاء ديسمبر 03, 2013 6:35 pm من طرف sghiri
» تحميل كتاب المراقبة والمعاقبة ميشيل فوكو
الجمعة نوفمبر 29, 2013 5:26 pm من طرف sghiri