بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
البرديغم السوسيولوجي “عبد الرحيم العطري”
منتدى علم الاجتماع مكناس :: السنة الثالثة في علم الاجتماع :: السنة الثالثة في علم الاجتماع :: السداسي الخامس
صفحة 1 من اصل 1
البرديغم السوسيولوجي “عبد الرحيم العطري”
البرديغم السوسيولوجي “عبد الرحيم العطري”
كتبهاالعاطفي طارق ، في 27 نوفمبر 2009 الساعة: 00:49 ص
مدونات مكتوب - اضف ادراجا جديدا.
الكاتب: عبد الرحيم العطري
ما جدوى الدرس السوسيولوجي آنا ؟ و هل من مبرر موضوعي لا ذرائعي لإصاخة السمع لصوت السوسيولوجيا و العلوم الاجتماعية عموما ،أثناء معاقرة و مقاربة التحولات السوسيوسياسية ؟ و إلى أي حد يفيد البراديغم السوسيولوجي في فهم و تفهم ذات التحولات التي تبصم مسارات الأنساق و الحقول المجتمعية ؟ و ما الذي تمنحه الأدوات و المناهج السوسيولوجية من إمكانيات لقراءة هذه التحولات و تفكيكها ؟
يشير بول باسكون إلى أن ” عالم الاجتماع هو ، و ينبغي أن يكون ، ذاك الذي تأتي الفضيحة عن طريقه ” فالسوسيولوجي وفقا للطرح الباسكوني لن يكون غير مناضل علمي يفكك و يحلل و يدرس كافة التفاصيل المجتمعية من أجل فهم الظواهر و الأنساق ، بما يعني ذلك من قطع مباشر مع التواطؤ و التلاعب ، و ما يعني أيضا من مراهنة أكيدة على الكشف و الفضح المستمر لما يعتمل في العمق من حالات اختلال أو اتساق .
و بذلك تصير السوسيولوجيا أداة علمية للقراءة و الفضح في آن ، تقرأ التحولات الاجتماعية ، و تموضعها في سياقها الخاص قبل العام ، و في ذلك كله فضح و تعرية لشروط الانبناء و الانوجاد ، أليست السوسيولوجيا مجرد علم يبحث في شروط إنتاج و إعادة إنتاج الاجتماعي ؟
البراديغم السوسيولوجي
في قارة السوسيولوجيا العلمية لا العفوية هناك إلحاح دائم على وجوب القطع مع تحليلات الحس المشترك ، كما هناك حث دائم على استبدال العين البيولوجية بالعين السوسيولوجية في قراءة الظواهر و التغيرات و التحولات التي تعصف بنسق ما أو تعتمل في أعماقه ، فالطريق الملكي نحو الفهم السوسيولوجي يكون عبر الانضباط لهذا البراديغم الصارم .
ليست الممارسة السوسيولوجية مجرد ترف فكري ، إنها مهمة نضالية لا تقتنع بالمقاربات الكسولة و المطمئنة ، و لا تقف عند حدود الجاهز و اليقيني ، و بالطبع فهكذا تمثل لمهمة السوسيولوجيا يقتضي الالتزام إلى درجة الأورثودوكسية بالبراديغم السوسيولوجي ، من حيث هو تفكير في المجتمع يستلزم التباعد ، أي يستلزم تحقيق الحد الأدنى من القطيعة تجاه الذات و تجاه الجماعة ، فالموضوعية تعد شرطا غير قابل للتفاوض في رحاب السوسيولوجيا، فهي الضمانة الممكنة لأصالة و نزاهة المنجز السوسيولوجي .و هو ما يؤشر ضمنا و علنا على القطع النهائي مع كل المقاربات الإشراقية و الغنوصية ، ففي علم الاجتماع لا شرعية و لا سلطة إلا للغة العلم .
و لعل أهم مرتكز في هذا البراديغم هو المتصل بدوائر الانشغال و آليات الاشتغال، فالسوسيولوجيا تعرف دوما بألا موضوع لها ، إنها تقتحم مختلف الأسئلة ، و تنتج بصددها أسئلة أكثر إرباكا لحسابات مالكي وسائل الإنتاج و الإكراه ، و في اشتغالها هذا تقارب السؤال بمبضع شمولي لا اختزالي ، يحرص على الربط بين المتغيرات و تدشين العلاقات المفترضة بين الحقول و الأنساق المساهمة في إنتاج و إعادة إنتاج الظاهرة .
و منه نخلص إلى التأكيد على أن السوسيولوجيا معرفة مؤهلة أكثر من غيرها ، بفضل براديغمها الصارم ، إلى قراءة تفاصيل و تضاريس التحولات المجتمعية ، و أنها تفيد عمليا في تجاوز الكثير من الإشكالات المرتبطة بهذه التحولات ، فهل نصيخ السمع جيدا هنا و الآن لهذا الصوت السوسيولوجي العميق ؟
شروط إنتاج ” الاجتماعي ”
العمل السوسيولوجي لا يفترض الصدفة و المجانية ، إنه عمل غائي له مبرراته الموضوعية ، إنه يهفو إلى إنتاج المعنى la production du sens الذي يستوجب مهارات خاصة لبلوغه و استقرائه ، فدور السوسيولوجيا المفترض هو اكتشاف شروط إنتاج و إعادة إنتاج ” الاجتماعي ” ، أي التمكن من منطق العلاقات و الأدوار و المؤسسات المجتمعية ، و إضفاء معنى منطقي على حركاتها و سكناتها ،و هكذا مطمح علمي لا يكون إلا باستدماج و استلهام فهم خاص للممارسة السوسيولوجية ، فالبحث عن منطق ” الاجتماعي ” لا ينكتب إلا بتفجير الأسئلة ، ألم يقل بيير بورديو أن مهمة السوسيولوجي هي تفجير السؤال النقدي ؟
فالعصف التساؤلي هو الذي يعبد الطريق نحو هذا المنطق المبحوث عنه ، و هو الذي ينتقل بالباحث من مستوى المقاربات الحدسية إلى عمق الأشياء و شروط انبنائها الأولية ، و يقوده نهاية إلى المهمة التكسيرية للسوسيولوجيا ، و ذلك في مساءلتها الخاصة و النوعية للظواهر و التحولات المجتمعية ، فموضوع السوسيولوجيا كما يقول آلان توران ” ليس ما هو ماثل أمام أعيننا ، بل ما هو مخفي باستمرار “.
شروط إنتاج أي فعل اجتماعي يظل مطمحا أثيرا بالنسبة للدرس السوسيولوجي ، و كما علمنا إميل دوركهايم في قواعد المنهج ، فإن هذا الاجتماعي لا يمكن تفسيره إلا بالاجتماعي ، و اتكاء على هذه القاعدة فإن البحث عن شروط الإنتاج يقتضي استحضار كافة العناصر التي تصنع الواقعة الاجتماعية ، و التي لا يمكن دراستها بمعزل عن الشروط العامة التي تسهم في حياكتها و تشكيلها على هذا النحو أو غيره.
بدءا من الفلسفة الاجتماعية الغارقة في القدم إلى زمن السوسيولوجيا العلمية ، كان السؤال المتوثب دوما متمحورا حول هذه الشروط التي تصنع الفعل الاجتماعي و تعيد صوغه من جديد ، و سيظل هذا السؤال بطبيعته الإشكالية الشرط الوجودي للانتماء التخصصي إلى هذا العلم ، فهو الذي يعطي للسوسيولوجيا معناها و مبناها المعرفي.
الفهم أولا و أخيرا
إن القادمين من قارة السؤال السوسيولوجي هم بالضرورة علماء تفاصيل التفاصيل ، همهم المركزي ، هو الفهم و التفهم ، ألم يقل ماكس فيبر أن السوسيولوجيا معرفة تهفو إلى الفهم في البدء و الختام ؟
عندما يتوجه السوسيولوجي بأسئلته إلى الفعل الاجتماعي فهو لا يتغيا من وراء فعلته هاته غير الفهم و التعرية ، إنه ينهجس فقط بالموضعة العلمية للظاهرة الاجتماعية ، فعالم الاجتماعي ليس بالضرورة مصلحا اجتماعيا ، إنه لا يحمل في أعماقه أي نزوع إصلاحي ، فقط يريد أن يشرح و يفكك النسق العام و يقرأه بعيدا عن لغة الحس المشترك . و لأنه يرتكن دوما إلى طرح الأسئلة الممنوعة من التداول ، و يحرك المياه الآسنة ، و يبعثر الأوراق و الحسابات ، و يهدد مصالح مالكي وسائل الإنتاج و الإكراه بأسئلته الشقية ، فعلماء الاجتماع يزعجون فعلا ، لذلك كله فإنه يتراءى للمجتمع ” مصلحا اجتماعيا ” يعول عليه كثيرا في إحداث التغيير المأمول ، و بذلك يحمل السوسيولوجي ما لا طاقة له به . بل هناك من آل السوسيولوجيا من يستحب هذه الآمال المعلقة عليه ، و ينقطع بالتالي عن ممارسة السوسيولوجيا إلى تدبير المعرفة العلمية و تسويقها في اتجاه من يدفع أحسن ، و الدفع هنا يخدم بالأساس تقوية الرساميل المادية و الرمزية في آن .
إن رهان الفكر السوسيولوجي يجب أن يكون متصلا بالجرأة و التفكيك ، كما أن الاجتهادات السوسيولوجية تكون أحيانا غير ذات جدوى و معنى، ما لم تكن متصلة بمشروع فكري نوعي يقطع مع المداهنة و المسايرة و التلاعب السوسيولوجي . وفي هذا الإطار، وإذا كان صحيحا ما يقول باشلار بأن على كل كيميائي أن يقاوم الخيميائي الذي يسكنه ، فإن على كل عالم اجتماع أن يقاوم النبي الاجتماعي المطالب بتجسيده من قبل جمهوره ويجب قبلا أن يرسم القطائع بشكل نهائي مع إمكانات الاحتواء خشية الوقوع في فخ المقاربات الكسولة و الاختزالية ، و فضلا عن ذلك فالكتابة السوسيولوجية لا يمكن أن تكون إلا ممارسة عنيفة تأخذ على عاتقها التاريخ و الإيديولوجيا و العلم
إن فهم منطق الوقائع الاجتماعية يجب أن يظل الهاجس المركزي في حقل السوسيولوجيا ، لأن الفهم يساعد على استحضار الحذر الإبستيمولوجي ، و يساعد أيضا على القراءة الواعية لا المتسرعة لذات الوقائع ، فمطلب الفهم و التفهم ، يجعل المسافة الموضوعية بين الهدف العلمي و المصالح و الامتيازات التي تفضحها الأسئلة العميقة و القلقة . لهذا لا يمكن تصور معرفة سوسيولوجية أصيلة و منحازة إلى البراديغم السوسيولوجي ما لم تكن منشغلة بالفهم ، الذي يربك و يفكك و يقطع أولا و أخيرا مع الحس المشترك و أحكام القيمة .
” الانتقال الديموقراطي ” نموذجا
كان من الضروري في البدء أن نحاور هذه المقتربات و نحن نهم بإبراز أهمية العلوم الاجتماعية و السوسيولوجيا تحديدا في فهم و تفهم التحولات السوسيوسياسية، فمقترب البراديغم السوسيولوجي يبرز لنا بجلاء آليات الاشتغال و مقترب شروط الإنتاج يفيد في الاقتراب أكثر دوائر الانشغال و الانهجاس في القارة السوسيولوجية ، مثلما يفيد مقترب الفهم أولا و أخيرا في تحديد المطامح الكبرى. و هذه المقتربات كلها تضعنا أمام الإفادات القصوى التي يمكن أن يقدمها السؤال السوسيولوجي للمجتمع .
فمن الطبيعي أن لكل علم فوائد علمية و عملية ، و إذا كان ما هو علمي يفيد المطبخ الداخلي تحديدا عبر تطوير النظريات و المناهج و الآليات ، فإن ما هو عملي ينسحب على الحقول الأخرى ، بحيث تصير نتائج هذا العلم مفيدة في تخطيط السياسات و تلافي الاختلالات و تجاوز الأخطاء .إذن ففيم يفيد الدرس السوسيولوجي اتصالا بالتحولات السوسيوسياسية ؟ و كيف تفيد مقترباته المار ذكره في قراءة واعية و موضوعية لمنطق هذه التحولات ؟
لنتأمل ما يعتمل آنا في رحاب النسق المغربي ، فآل السياسة يصفون الجاري من تحولات و تغيرات عنوانا للانتقال الديموقراطي، و العقل الجمعي عموما يسير في اتجاه تدعيم هذه ” الحقيقة السوسيوسياسية “، لكن هل ما يعيش على إيقاعه المغرب يعد انتقالا ديموقراطيا ؟ و هل هناك قطائع صارمة مع المخزن العتيق ؟ أم هو انتقال مشوه و معطوب داخل نسق الاستمرارية و إعادة الإنتاج ؟
الجواب نجده في مطبخ السوسيولوجيا بالطبع ، و عبر مقتربات الدرس السوسيولوجي تحديدا، ذلك أن المقاربة الهادئة و الحذرة للفهم السوسيولوجي ، تستوجب التحرر من يقينيات الحس المشترك الذي يروج لأطروحة الانتقال الديموقراطي بشكل إثاري أحيانا، و تقود نحو قلب الطاولة و اعتناق الشك المنهجي حيال هذه الوقائع السوسيوسياسية .إن الانتقال الديموقراطي في أبسط تعريفاته يؤشر على نوع من التحول السوسوسياسي الذي يستلزم الانتقال من دولة الرعايا إلى دولة المواطنين ، ومن أسلوب التدبير الشخصاني و التقليداني إلى المستوى المؤسسي ، فهل نجد هكذا تمثلا واقعيا للانتقال الديموقراطي المتحدث عنه ؟ و هل انتقلنا فعلا إلى المواطنة و المؤسساتية ؟
في الخطاب السياسي المغربي الذي يعبر عن حرفية واضحة على مستوى إنتاج و تداول المفاهيم، يجزم آل السياسة، و حتى المتخصصون منهم، لغايات معروفة طبعا، بأن هناك انتقالا ديموقراطيا، بل منهم من أعلن صراحة موت المخزن، و واصل التأكيد على أن الانتقال قد حدث فعلا.
لكن باعتماد المقاربة السوسيولوجية ، و بإمعان النظر العلمي في طرائق الاشتغال يبدو ألا انتقالا قد حدث ، و إنما الأمر متعلق بتحولات داخل الاستمرارية ، و بمبادرات للشرعنة و الإلهاء و تأكيد الحضور . فمخزن اليوم ما هو إلا نسخة مزيدة و منقحة لمخزن الأمس ، و طرق الاشتغال سواء مع الفاعل السياسي ما زالت تنضبط لنفس الخلفية التقليدية الزاوياتية ، كما أوضح الأستاذ نور الدين الزاهي في مؤلفه عن الزاوية و الحزب . و بذلك تبدو مفهوم التحول أكثر صدقية من مفهوم التغير و التجاوز و القطع النهائي مع الفائت من الأوضاع . عن التحليل السوسيولوجي في هذا المستوى يفيد في الفهم و التفهم الموضوعي لمنطق التحولات السوسيوسياسية ، بل يذهب بعيدا إلى تحديد شروط إنتاجها الخفية المتصلة بالبحث عن مزيد من المشروعية و التجذر الواقعي في تربة المجتمع .
إن التحولات السوسيوسياسية عموما تصير أكثر انجلاء باعتماد المقتربات السوسيولوجية ، التي تعمد إلى إنتاج المعنى و كشف المنطق الداخلي الذي يحركها ، و إذا كان الحس المشترك يطمئن لكثير من التحولات في إطار لعبة أحكام القيمة ، فإنه في قارة السوسيولوجيا يتم التعامل بحياد بارد مع هذه التحولات ، بحيث لا يتم الانتصار لها أو التبرم منها ، و إنما يتم تشريحها و فضحها فقط . و لعل هذه المهمة الفضحية التي تزعج الساسة و المتحكمين في موازين القوى ، هي التي تجعل من التحليل السوسيولوجي تحليلا مرفوضا و مهمشا ، فلا احد يخطب ود السوسيولوجي الحقيقي أثناء الحديث عن هذه التحولات ، مخافة غرباك الحسابات و السيناريوهات المعدة سلفا بإتقان باذخ.
إن السوسيولوجيا ، و كما العلم عموما ، مفيدة جدا ليس فقط لممتهنيها ، و ذلك في مستوى إناء المطبخ الداخلي بالمناهج و النظريات الجديدة ، بل هي مفيدة جدا من الناحية العملية للمجتمع عموما ، و للسلطة تحديدا ، فالسوسيولوجي ، و دون أن يدري ، يقدم خدمات جليلة لمالكي وسائل الإنتاج و الإكراه ، بفضحه المستمر لاستراتيجيات التكريس و التدجين و الاحتواء . كما أنها تفيد ، إن خطب ودها ، في الانتهاء من التنمية المعطوبة و الانتقال إلى دولة الحق و القانون فعلا ،و مجتمع المواطنين لا الرعايا.
على طول مسار الدرس السوسيولوجي ، مرورا بكل الرواد الذي بصموا مسيرة هذا العلم ، و إلى الآن ، ما زالت السوسيولوجيا تفيد كثيرا في فهم و تفهم التحولات المجتمعية و اكتشاف منطقها الداخلي و فضح شروط إنتاجها العميقة . و ستظل الحاجة دوما إلى الدرس السوسيولوجي مؤكدة و ماسة ، لقراءة الوقائع بعيدا عن لغة الخشب أو التبرير.
ختاما
إن العلوم الاجتماعية و السوسيولوجيا بالضبط تبعد عنا أوهام الحس المشترك ، و تجعلنا نتأمل الظواهر و التحولات بعين نقدية خالصة ، فالسوسيولوجيا تحرر المنتمي إليها شرعيا من اعتناق اليقينيات الجاهزة ، و تقوده بالتالي إلى تفجير الأسئلة الملتهبة ، إنها تمكن من قراءات غير متوفرة للجميع ، ألهذا يمكن القول بأن السوسيولوجيا ممارسة نخبوية ؟
بالطبع ففهم التحولات المجتمعية لا يكون متاحا إلا بممارسة السوسيولوجيا ، و التحرر من العطالة الفكرية ، و الانضباط الكلي لأخلاقيات العمل السوسيولوجي ، و في ذلك اختيار معرفي لسوسيولوجيا النقد و المساءلة التي لا تبرر و لا تخدم مصالح الذين هم فوق ، بل تحلل و تفضح و تفكك المنطق العميق لانبناء الظواهر و تبلور ” الاجتماعي ” ، و بشكل و آخر فهذا النوع من السوسيولوجيا يجد نفسه في مجتمعات ثالثية في صف ضد نظامي ، و يكون بالتالي معرضا لكل ألوان الحجر و التهميش ، و لنا في إغلاق معهد العلوم الاجتماعية و الرحيل الملغز لبول باسكون، و هجرة آل السوسيولوجيا إلى عوالم أخرى ، و التلكؤ في تعميم الدرس السوسيولوجي على كل الجامعات أكثر من عبرة دالة و قوية ، فمتى يعاد لهذا الدرس المعرفي ألقه المفتقد ؟
————–
* ورقة مقدمة لندوة ” العلوم الاجتماعية و التحولات السوسيوسياسية ” المنظمة من طرف طلبة علم الاجتماع بكلية الآداب و العلوم الإنسانية ابن طفيل بالقنيطرة ، و دلك يوم الأربعاء 5 ماي 2006 .
الهوامش:
كتبهاالعاطفي طارق ، في 27 نوفمبر 2009 الساعة: 00:49 ص
مدونات مكتوب - اضف ادراجا جديدا.
الكاتب: عبد الرحيم العطري
ما جدوى الدرس السوسيولوجي آنا ؟ و هل من مبرر موضوعي لا ذرائعي لإصاخة السمع لصوت السوسيولوجيا و العلوم الاجتماعية عموما ،أثناء معاقرة و مقاربة التحولات السوسيوسياسية ؟ و إلى أي حد يفيد البراديغم السوسيولوجي في فهم و تفهم ذات التحولات التي تبصم مسارات الأنساق و الحقول المجتمعية ؟ و ما الذي تمنحه الأدوات و المناهج السوسيولوجية من إمكانيات لقراءة هذه التحولات و تفكيكها ؟
يشير بول باسكون إلى أن ” عالم الاجتماع هو ، و ينبغي أن يكون ، ذاك الذي تأتي الفضيحة عن طريقه ” فالسوسيولوجي وفقا للطرح الباسكوني لن يكون غير مناضل علمي يفكك و يحلل و يدرس كافة التفاصيل المجتمعية من أجل فهم الظواهر و الأنساق ، بما يعني ذلك من قطع مباشر مع التواطؤ و التلاعب ، و ما يعني أيضا من مراهنة أكيدة على الكشف و الفضح المستمر لما يعتمل في العمق من حالات اختلال أو اتساق .
و بذلك تصير السوسيولوجيا أداة علمية للقراءة و الفضح في آن ، تقرأ التحولات الاجتماعية ، و تموضعها في سياقها الخاص قبل العام ، و في ذلك كله فضح و تعرية لشروط الانبناء و الانوجاد ، أليست السوسيولوجيا مجرد علم يبحث في شروط إنتاج و إعادة إنتاج الاجتماعي ؟
البراديغم السوسيولوجي
في قارة السوسيولوجيا العلمية لا العفوية هناك إلحاح دائم على وجوب القطع مع تحليلات الحس المشترك ، كما هناك حث دائم على استبدال العين البيولوجية بالعين السوسيولوجية في قراءة الظواهر و التغيرات و التحولات التي تعصف بنسق ما أو تعتمل في أعماقه ، فالطريق الملكي نحو الفهم السوسيولوجي يكون عبر الانضباط لهذا البراديغم الصارم .
ليست الممارسة السوسيولوجية مجرد ترف فكري ، إنها مهمة نضالية لا تقتنع بالمقاربات الكسولة و المطمئنة ، و لا تقف عند حدود الجاهز و اليقيني ، و بالطبع فهكذا تمثل لمهمة السوسيولوجيا يقتضي الالتزام إلى درجة الأورثودوكسية بالبراديغم السوسيولوجي ، من حيث هو تفكير في المجتمع يستلزم التباعد ، أي يستلزم تحقيق الحد الأدنى من القطيعة تجاه الذات و تجاه الجماعة ، فالموضوعية تعد شرطا غير قابل للتفاوض في رحاب السوسيولوجيا، فهي الضمانة الممكنة لأصالة و نزاهة المنجز السوسيولوجي .و هو ما يؤشر ضمنا و علنا على القطع النهائي مع كل المقاربات الإشراقية و الغنوصية ، ففي علم الاجتماع لا شرعية و لا سلطة إلا للغة العلم .
و لعل أهم مرتكز في هذا البراديغم هو المتصل بدوائر الانشغال و آليات الاشتغال، فالسوسيولوجيا تعرف دوما بألا موضوع لها ، إنها تقتحم مختلف الأسئلة ، و تنتج بصددها أسئلة أكثر إرباكا لحسابات مالكي وسائل الإنتاج و الإكراه ، و في اشتغالها هذا تقارب السؤال بمبضع شمولي لا اختزالي ، يحرص على الربط بين المتغيرات و تدشين العلاقات المفترضة بين الحقول و الأنساق المساهمة في إنتاج و إعادة إنتاج الظاهرة .
و منه نخلص إلى التأكيد على أن السوسيولوجيا معرفة مؤهلة أكثر من غيرها ، بفضل براديغمها الصارم ، إلى قراءة تفاصيل و تضاريس التحولات المجتمعية ، و أنها تفيد عمليا في تجاوز الكثير من الإشكالات المرتبطة بهذه التحولات ، فهل نصيخ السمع جيدا هنا و الآن لهذا الصوت السوسيولوجي العميق ؟
شروط إنتاج ” الاجتماعي ”
العمل السوسيولوجي لا يفترض الصدفة و المجانية ، إنه عمل غائي له مبرراته الموضوعية ، إنه يهفو إلى إنتاج المعنى la production du sens الذي يستوجب مهارات خاصة لبلوغه و استقرائه ، فدور السوسيولوجيا المفترض هو اكتشاف شروط إنتاج و إعادة إنتاج ” الاجتماعي ” ، أي التمكن من منطق العلاقات و الأدوار و المؤسسات المجتمعية ، و إضفاء معنى منطقي على حركاتها و سكناتها ،و هكذا مطمح علمي لا يكون إلا باستدماج و استلهام فهم خاص للممارسة السوسيولوجية ، فالبحث عن منطق ” الاجتماعي ” لا ينكتب إلا بتفجير الأسئلة ، ألم يقل بيير بورديو أن مهمة السوسيولوجي هي تفجير السؤال النقدي ؟
فالعصف التساؤلي هو الذي يعبد الطريق نحو هذا المنطق المبحوث عنه ، و هو الذي ينتقل بالباحث من مستوى المقاربات الحدسية إلى عمق الأشياء و شروط انبنائها الأولية ، و يقوده نهاية إلى المهمة التكسيرية للسوسيولوجيا ، و ذلك في مساءلتها الخاصة و النوعية للظواهر و التحولات المجتمعية ، فموضوع السوسيولوجيا كما يقول آلان توران ” ليس ما هو ماثل أمام أعيننا ، بل ما هو مخفي باستمرار “.
شروط إنتاج أي فعل اجتماعي يظل مطمحا أثيرا بالنسبة للدرس السوسيولوجي ، و كما علمنا إميل دوركهايم في قواعد المنهج ، فإن هذا الاجتماعي لا يمكن تفسيره إلا بالاجتماعي ، و اتكاء على هذه القاعدة فإن البحث عن شروط الإنتاج يقتضي استحضار كافة العناصر التي تصنع الواقعة الاجتماعية ، و التي لا يمكن دراستها بمعزل عن الشروط العامة التي تسهم في حياكتها و تشكيلها على هذا النحو أو غيره.
بدءا من الفلسفة الاجتماعية الغارقة في القدم إلى زمن السوسيولوجيا العلمية ، كان السؤال المتوثب دوما متمحورا حول هذه الشروط التي تصنع الفعل الاجتماعي و تعيد صوغه من جديد ، و سيظل هذا السؤال بطبيعته الإشكالية الشرط الوجودي للانتماء التخصصي إلى هذا العلم ، فهو الذي يعطي للسوسيولوجيا معناها و مبناها المعرفي.
الفهم أولا و أخيرا
إن القادمين من قارة السؤال السوسيولوجي هم بالضرورة علماء تفاصيل التفاصيل ، همهم المركزي ، هو الفهم و التفهم ، ألم يقل ماكس فيبر أن السوسيولوجيا معرفة تهفو إلى الفهم في البدء و الختام ؟
عندما يتوجه السوسيولوجي بأسئلته إلى الفعل الاجتماعي فهو لا يتغيا من وراء فعلته هاته غير الفهم و التعرية ، إنه ينهجس فقط بالموضعة العلمية للظاهرة الاجتماعية ، فعالم الاجتماعي ليس بالضرورة مصلحا اجتماعيا ، إنه لا يحمل في أعماقه أي نزوع إصلاحي ، فقط يريد أن يشرح و يفكك النسق العام و يقرأه بعيدا عن لغة الحس المشترك . و لأنه يرتكن دوما إلى طرح الأسئلة الممنوعة من التداول ، و يحرك المياه الآسنة ، و يبعثر الأوراق و الحسابات ، و يهدد مصالح مالكي وسائل الإنتاج و الإكراه بأسئلته الشقية ، فعلماء الاجتماع يزعجون فعلا ، لذلك كله فإنه يتراءى للمجتمع ” مصلحا اجتماعيا ” يعول عليه كثيرا في إحداث التغيير المأمول ، و بذلك يحمل السوسيولوجي ما لا طاقة له به . بل هناك من آل السوسيولوجيا من يستحب هذه الآمال المعلقة عليه ، و ينقطع بالتالي عن ممارسة السوسيولوجيا إلى تدبير المعرفة العلمية و تسويقها في اتجاه من يدفع أحسن ، و الدفع هنا يخدم بالأساس تقوية الرساميل المادية و الرمزية في آن .
إن رهان الفكر السوسيولوجي يجب أن يكون متصلا بالجرأة و التفكيك ، كما أن الاجتهادات السوسيولوجية تكون أحيانا غير ذات جدوى و معنى، ما لم تكن متصلة بمشروع فكري نوعي يقطع مع المداهنة و المسايرة و التلاعب السوسيولوجي . وفي هذا الإطار، وإذا كان صحيحا ما يقول باشلار بأن على كل كيميائي أن يقاوم الخيميائي الذي يسكنه ، فإن على كل عالم اجتماع أن يقاوم النبي الاجتماعي المطالب بتجسيده من قبل جمهوره ويجب قبلا أن يرسم القطائع بشكل نهائي مع إمكانات الاحتواء خشية الوقوع في فخ المقاربات الكسولة و الاختزالية ، و فضلا عن ذلك فالكتابة السوسيولوجية لا يمكن أن تكون إلا ممارسة عنيفة تأخذ على عاتقها التاريخ و الإيديولوجيا و العلم
إن فهم منطق الوقائع الاجتماعية يجب أن يظل الهاجس المركزي في حقل السوسيولوجيا ، لأن الفهم يساعد على استحضار الحذر الإبستيمولوجي ، و يساعد أيضا على القراءة الواعية لا المتسرعة لذات الوقائع ، فمطلب الفهم و التفهم ، يجعل المسافة الموضوعية بين الهدف العلمي و المصالح و الامتيازات التي تفضحها الأسئلة العميقة و القلقة . لهذا لا يمكن تصور معرفة سوسيولوجية أصيلة و منحازة إلى البراديغم السوسيولوجي ما لم تكن منشغلة بالفهم ، الذي يربك و يفكك و يقطع أولا و أخيرا مع الحس المشترك و أحكام القيمة .
” الانتقال الديموقراطي ” نموذجا
كان من الضروري في البدء أن نحاور هذه المقتربات و نحن نهم بإبراز أهمية العلوم الاجتماعية و السوسيولوجيا تحديدا في فهم و تفهم التحولات السوسيوسياسية، فمقترب البراديغم السوسيولوجي يبرز لنا بجلاء آليات الاشتغال و مقترب شروط الإنتاج يفيد في الاقتراب أكثر دوائر الانشغال و الانهجاس في القارة السوسيولوجية ، مثلما يفيد مقترب الفهم أولا و أخيرا في تحديد المطامح الكبرى. و هذه المقتربات كلها تضعنا أمام الإفادات القصوى التي يمكن أن يقدمها السؤال السوسيولوجي للمجتمع .
فمن الطبيعي أن لكل علم فوائد علمية و عملية ، و إذا كان ما هو علمي يفيد المطبخ الداخلي تحديدا عبر تطوير النظريات و المناهج و الآليات ، فإن ما هو عملي ينسحب على الحقول الأخرى ، بحيث تصير نتائج هذا العلم مفيدة في تخطيط السياسات و تلافي الاختلالات و تجاوز الأخطاء .إذن ففيم يفيد الدرس السوسيولوجي اتصالا بالتحولات السوسيوسياسية ؟ و كيف تفيد مقترباته المار ذكره في قراءة واعية و موضوعية لمنطق هذه التحولات ؟
لنتأمل ما يعتمل آنا في رحاب النسق المغربي ، فآل السياسة يصفون الجاري من تحولات و تغيرات عنوانا للانتقال الديموقراطي، و العقل الجمعي عموما يسير في اتجاه تدعيم هذه ” الحقيقة السوسيوسياسية “، لكن هل ما يعيش على إيقاعه المغرب يعد انتقالا ديموقراطيا ؟ و هل هناك قطائع صارمة مع المخزن العتيق ؟ أم هو انتقال مشوه و معطوب داخل نسق الاستمرارية و إعادة الإنتاج ؟
الجواب نجده في مطبخ السوسيولوجيا بالطبع ، و عبر مقتربات الدرس السوسيولوجي تحديدا، ذلك أن المقاربة الهادئة و الحذرة للفهم السوسيولوجي ، تستوجب التحرر من يقينيات الحس المشترك الذي يروج لأطروحة الانتقال الديموقراطي بشكل إثاري أحيانا، و تقود نحو قلب الطاولة و اعتناق الشك المنهجي حيال هذه الوقائع السوسيوسياسية .إن الانتقال الديموقراطي في أبسط تعريفاته يؤشر على نوع من التحول السوسوسياسي الذي يستلزم الانتقال من دولة الرعايا إلى دولة المواطنين ، ومن أسلوب التدبير الشخصاني و التقليداني إلى المستوى المؤسسي ، فهل نجد هكذا تمثلا واقعيا للانتقال الديموقراطي المتحدث عنه ؟ و هل انتقلنا فعلا إلى المواطنة و المؤسساتية ؟
في الخطاب السياسي المغربي الذي يعبر عن حرفية واضحة على مستوى إنتاج و تداول المفاهيم، يجزم آل السياسة، و حتى المتخصصون منهم، لغايات معروفة طبعا، بأن هناك انتقالا ديموقراطيا، بل منهم من أعلن صراحة موت المخزن، و واصل التأكيد على أن الانتقال قد حدث فعلا.
لكن باعتماد المقاربة السوسيولوجية ، و بإمعان النظر العلمي في طرائق الاشتغال يبدو ألا انتقالا قد حدث ، و إنما الأمر متعلق بتحولات داخل الاستمرارية ، و بمبادرات للشرعنة و الإلهاء و تأكيد الحضور . فمخزن اليوم ما هو إلا نسخة مزيدة و منقحة لمخزن الأمس ، و طرق الاشتغال سواء مع الفاعل السياسي ما زالت تنضبط لنفس الخلفية التقليدية الزاوياتية ، كما أوضح الأستاذ نور الدين الزاهي في مؤلفه عن الزاوية و الحزب . و بذلك تبدو مفهوم التحول أكثر صدقية من مفهوم التغير و التجاوز و القطع النهائي مع الفائت من الأوضاع . عن التحليل السوسيولوجي في هذا المستوى يفيد في الفهم و التفهم الموضوعي لمنطق التحولات السوسيوسياسية ، بل يذهب بعيدا إلى تحديد شروط إنتاجها الخفية المتصلة بالبحث عن مزيد من المشروعية و التجذر الواقعي في تربة المجتمع .
إن التحولات السوسيوسياسية عموما تصير أكثر انجلاء باعتماد المقتربات السوسيولوجية ، التي تعمد إلى إنتاج المعنى و كشف المنطق الداخلي الذي يحركها ، و إذا كان الحس المشترك يطمئن لكثير من التحولات في إطار لعبة أحكام القيمة ، فإنه في قارة السوسيولوجيا يتم التعامل بحياد بارد مع هذه التحولات ، بحيث لا يتم الانتصار لها أو التبرم منها ، و إنما يتم تشريحها و فضحها فقط . و لعل هذه المهمة الفضحية التي تزعج الساسة و المتحكمين في موازين القوى ، هي التي تجعل من التحليل السوسيولوجي تحليلا مرفوضا و مهمشا ، فلا احد يخطب ود السوسيولوجي الحقيقي أثناء الحديث عن هذه التحولات ، مخافة غرباك الحسابات و السيناريوهات المعدة سلفا بإتقان باذخ.
إن السوسيولوجيا ، و كما العلم عموما ، مفيدة جدا ليس فقط لممتهنيها ، و ذلك في مستوى إناء المطبخ الداخلي بالمناهج و النظريات الجديدة ، بل هي مفيدة جدا من الناحية العملية للمجتمع عموما ، و للسلطة تحديدا ، فالسوسيولوجي ، و دون أن يدري ، يقدم خدمات جليلة لمالكي وسائل الإنتاج و الإكراه ، بفضحه المستمر لاستراتيجيات التكريس و التدجين و الاحتواء . كما أنها تفيد ، إن خطب ودها ، في الانتهاء من التنمية المعطوبة و الانتقال إلى دولة الحق و القانون فعلا ،و مجتمع المواطنين لا الرعايا.
على طول مسار الدرس السوسيولوجي ، مرورا بكل الرواد الذي بصموا مسيرة هذا العلم ، و إلى الآن ، ما زالت السوسيولوجيا تفيد كثيرا في فهم و تفهم التحولات المجتمعية و اكتشاف منطقها الداخلي و فضح شروط إنتاجها العميقة . و ستظل الحاجة دوما إلى الدرس السوسيولوجي مؤكدة و ماسة ، لقراءة الوقائع بعيدا عن لغة الخشب أو التبرير.
ختاما
إن العلوم الاجتماعية و السوسيولوجيا بالضبط تبعد عنا أوهام الحس المشترك ، و تجعلنا نتأمل الظواهر و التحولات بعين نقدية خالصة ، فالسوسيولوجيا تحرر المنتمي إليها شرعيا من اعتناق اليقينيات الجاهزة ، و تقوده بالتالي إلى تفجير الأسئلة الملتهبة ، إنها تمكن من قراءات غير متوفرة للجميع ، ألهذا يمكن القول بأن السوسيولوجيا ممارسة نخبوية ؟
بالطبع ففهم التحولات المجتمعية لا يكون متاحا إلا بممارسة السوسيولوجيا ، و التحرر من العطالة الفكرية ، و الانضباط الكلي لأخلاقيات العمل السوسيولوجي ، و في ذلك اختيار معرفي لسوسيولوجيا النقد و المساءلة التي لا تبرر و لا تخدم مصالح الذين هم فوق ، بل تحلل و تفضح و تفكك المنطق العميق لانبناء الظواهر و تبلور ” الاجتماعي ” ، و بشكل و آخر فهذا النوع من السوسيولوجيا يجد نفسه في مجتمعات ثالثية في صف ضد نظامي ، و يكون بالتالي معرضا لكل ألوان الحجر و التهميش ، و لنا في إغلاق معهد العلوم الاجتماعية و الرحيل الملغز لبول باسكون، و هجرة آل السوسيولوجيا إلى عوالم أخرى ، و التلكؤ في تعميم الدرس السوسيولوجي على كل الجامعات أكثر من عبرة دالة و قوية ، فمتى يعاد لهذا الدرس المعرفي ألقه المفتقد ؟
————–
* ورقة مقدمة لندوة ” العلوم الاجتماعية و التحولات السوسيوسياسية ” المنظمة من طرف طلبة علم الاجتماع بكلية الآداب و العلوم الإنسانية ابن طفيل بالقنيطرة ، و دلك يوم الأربعاء 5 ماي 2006 .
الهوامش:
مواضيع مماثلة
» مقدمة في سوسيولوجيا الأدب للأستاذ عبد الرحيم العطري
» التعريف السوسيولوجي القانوني للجريمة
» المنــاهــج الكميــــة في البحث السوسيولوجي
» كتاب مسارات التحول السوسيولوجي بالمغرب المؤلف الباحث المغربي عبد السلام حيمر
» التعريف السوسيولوجي القانوني للجريمة
» المنــاهــج الكميــــة في البحث السوسيولوجي
» كتاب مسارات التحول السوسيولوجي بالمغرب المؤلف الباحث المغربي عبد السلام حيمر
منتدى علم الاجتماع مكناس :: السنة الثالثة في علم الاجتماع :: السنة الثالثة في علم الاجتماع :: السداسي الخامس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين أغسطس 28, 2023 5:54 am من طرف sghiri
» نظرية النافذة المكسورة
الإثنين أغسطس 28, 2023 5:52 am من طرف sghiri
» تقرير عن ندوة المثقف و المجتمع بمكناس
الأربعاء نوفمبر 12, 2014 2:25 pm من طرف sumaya bakria
» الحكامة الأمنية
الثلاثاء أغسطس 12, 2014 5:02 pm من طرف sghiri
» ما السوسيولوجيا القروية؟
الإثنين فبراير 10, 2014 6:52 pm من طرف زائر
» أسئلة اختبارات علم الإجتماع .... من الفصل الأول إلى الرابع
الإثنين يناير 13, 2014 12:46 pm من طرف sghiri
» عرض في مادة انتروبولوجيا العالم الاسلامي 2009
الأربعاء ديسمبر 04, 2013 12:28 pm من طرف rachidov20
» موقع لتحميل الكتب في مجالات مختلفة
الثلاثاء ديسمبر 03, 2013 6:35 pm من طرف sghiri
» تحميل كتاب المراقبة والمعاقبة ميشيل فوكو
الجمعة نوفمبر 29, 2013 5:26 pm من طرف sghiri